للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ﴾ وهي مراحل القمر التي تتكرر كلّ ٢٩ - ٣٠ يوما، ويحتمل عود الضمير في قوله ﴿قَدَّرَهُ﴾ إلى ضياء الشمس ونور القمر معا ﴿لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ﴾ لضبط مواعيد العبادات، والمعاملات الدينية والدنيوية والمعاشية، ولأنّ عدد السنين وحساب الأشهر القمرية والشمسية إنما يعرف بدوران القمر حول الأرض، وبدوران الأرض حول الشمس ﴿ما خَلَقَ اللهُ ذلِكَ إِلاّ بِالْحَقِّ﴾ وفق حكمة ومغزى، فلا عبث ولا باطل ولا صدفة، ولا بدّ من تحقق العدالة كي يكون للوجود معنى ﴿يُفَصِّلُ الْآياتِ﴾ الكونية والعقلية ﴿لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ يعلمون معاني الدلائل ويفهمونها، ويستنتجون الحقيقة منها، فالإسلام دين العلم والعقل.

﴿إِنَّ فِي اِخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَما خَلَقَ اللهُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ﴾ (٦)

٦ - ﴿إِنَّ فِي اِخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ﴾ في تعاقبهما، وتغيّرهما التدريجي على مدار السنة، واختلافهما بحسب الموقع على الكرة الأرضية ﴿وَما خَلَقَ اللهُ فِي السَّماواتِ﴾ من الأفلاك والمجرّات ﴿وَالْأَرْضِ﴾ من أنواع الجماد والنبات والحيوان ﴿لَآياتٍ﴾ أنواع لا متناهية من الدلائل على الإبداع والإتقان والإحكام في الخلق، وعلى وجود الخالق سبحانه ﴿لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ﴾ عواقب عملهم، فيلزمون الحذر، والنظر، والتفكر، والتدبّر.

﴿إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا وَرَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَاِطْمَأَنُّوا بِها وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آياتِنا غافِلُونَ﴾ (٧)

٧ - بعد أن بيّنت السورة الدلائل القاهرة على صدق النبوّات، ووحدانية الخالق، والبعث والحساب، تبيّن بعدها مآل من يكفر بذلك، ومن يؤمن به:

﴿إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا﴾ لا يتوقعون البعث بعد الموت، ولا يأملون الحساب والثواب والعقاب ﴿وَرَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا﴾ حتى صارت منتهى أملهم، وأصبح كل همّهم محصورا بها، وكلّ أعمالهم في سبيلها، ورضوا بها

<<  <  ج: ص:  >  >>