اختتمت سورة ﴿طه﴾ بأن كل امرئ يعيش ما يظن أنه السبيل القويم في الحياة، وينتظر تحقق معتقده، ثم لا يدرك الحقيقة والعاقبة إلاّ بعد كشف الغطاء:
﴿قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحابُ الصِّراطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اِهْتَدى﴾ (١٣٥/ ٢٠)، ثم تفتتح سورة الأنبياء بأن حساب الناس قد اقترب وهم غافلون: ﴿اِقْتَرَبَ لِلنّاسِ حِسابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ﴾ (١/ ١٢).
[محور السورة]
إن الناس في غفلة لاهون، رغم نزول القرآن الكريم عليهم: ﴿ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلاَّ اِسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ﴾ (٢)، وذلك سبب انحطاط الأمم وزوالها لإصرارها على تجاهل حقائق الوحي التي تتعارض مع مفهومها المادي للحياة: ﴿ما آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ﴾ (٦)، وإن القرآن الكريم نزل على البشرية من أجل سعادتها وحفظا لكرامتها من اتّباع الأوهام ومن ذلّ عبادة المادة والأفراد: ﴿لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ كِتاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ﴾ (١٠).
وإن معجزة (الانفجار الكبير) للكون وجعل الأحياء من الماء معجزات جديرة بالإيمان: ﴿أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً﴾