٤٠ - يلاحظ ارتباط هذه الآية مع ما سبقها لجهة استمرارية الوحي الإلهي منذ بدء الخليقة، وخصّ بني إسرائيل بالذكر، لأنهم أوّل من نزل عليه الوحي من الأمم الباقية إلى اليوم، وتركيز القرآن الكريم على قصص بني إسرائيل يعتبر من قبيل الإخبار بالغيب، وذلك لأهمية الدور الكبير، وهو دور الكفر والفساد والإفساد، الذي لا يزالون يلعبونه في تاريخ البشرية حتى يومنا هذا.
وهذه الآية والتي تليها تذكّر بني إسرائيل أنّ ما جاء به النبي ﷺ ليس جديدا أو غريبا، لكونه استمرار الوحي الذي نزل على أنبيائهم، وناسخا له، انظر آية [البقرة ٢/ ١٠٦]، وأنه قد عهد الآن إلى قوم غير اليهود وهم العرب بحمل ونشر الرسالة التي فشل اليهود بحملها ونشرها، بل شوهوها وحوّلوها إلى مجرّد طقوس وعصبية وجنسية، والآيات التالية تكشف حقيقة التدهور في الحياة الدينية والأخلاقية لليهود، وتبيّن أن تقواهم التي زعموها ليست في حقيقتها سوى زيفا وتعصبا أعمى وغلوّا، كما ألغت هذه الآيات المكانة الدينية والأخلاقية لليهود أمام سكان المدينة ومشركي الجزيرة العربية وقوّضت معنويات اليهود إلى درجة لم يتمكنوا بعدها من معارضة الإسلام بعد أن انكشف زيفهم:
﴿يا بَنِي إِسْرائِيلَ اُذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ﴾ ببعث الأنبياء منكم، وإنزال الهداية عليكم، واختياركم بين كل الأمم لحمل الرسالة الإلهية، واسرائيل لقب يعقوب ابن اسحق ابن ابراهيم ﵈ وأطلق على ذريته لقب بنو اسرائيل،
﴿وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ﴾ عهده تعالى لهم أن يبعث نبيا من وسط إخوتهم أي من بني اسماعيل وأن يؤمنوا به، وهو مذكور في كتبهم (سفر التثنية ١٨/ ١٨)، وهذه دلالة أنّ النبي ﷺ كما كان مبعوثا إلى العرب إبتداء فقد كان