الإعجاز، وهم قد صمّموا على أية حال أنّ القرآن ليس من جنس المعجزات التي يريدونها، وقد يكون ذلك لطفولتهم العقلية، أو للتعجيز، لذا أقسموا الأيمان المؤكدة أن سيؤمنون لو جاءتهم معجزة خارقة، وفي ذلك عودة لموضوع الآية (٧)، ﴿قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللهِ﴾ قل لهم أيها الرسول: إنّ الآيات الخوارق تتم بقدرته تعالى فقط، وليس لي مقدرة على ما تطلبون، ولا أدّعي ذلك، وعلى أية حال فالله تعالى لا ينزّل الآيات الخوارق ولا يبديها إلاّ لحكمة ومصلحة للعباد، وليس بناء على معاندة الكفار وتعسفهم وتوقيتهم، ويحتمل المعنى أيضا أن آيات الله محيطة بكم من كل جانب، في خلقكم وفي أنفسكم وفي خلق الحياة والكون من حولكم ﴿وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ﴾ أي ما يدريكم أيها الناس كيف يكون سلوك الكفار لو جاءت المعجزات الخوارق التي يطلبون؟ فمن لا يؤمن ولا يتفكّر بكل معجزات الخلق المحيطة به لا ينفعه نزول الخوارق الخاصة، وأمثال هؤلاء الناس لا يؤمنون على أية حال، وتفصيل ذلك بيّنته الآية التالية:
١١٠ - ﴿وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصارَهُمْ﴾ فيصبحون محتارين مذهولين، يختلقون مختلف الأعذار، وقد يدّعون أن ما شاهدوه ليس سوى سحر أو خداع، وقد يظنّون أن المسّ أصاب عقولهم، أو أن عيونهم وحواسهم أصابتها آفة، أو يستمرون بالإصرار والمكابرة في جميع الأحوال، وقد نسب تعالى تقليب أفئدتهم وأبصارهم إلى ذاته العلية لأن كل شيء في العالم يجري بحسب سننه في خلقه ﴿كَما لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ كما لم يؤمنوا بالقرآن قبل ذلك، لأن المكابر الذي لا يستخدم عقله لدراسة القرآن ولمعرفة جدارته الذاتية من حيث إنه كتاب منزل، يتشبّث بالمكابرة عند مشاهدة الآيات الحسية، وقد حدث