ودقّتها ونظامها، وفي البشر، وهذا من قبيل الدلائل الكونية على الوحدانية، لأنّ وحدة النظام تدلّ على وحدة واضعه، والقسط أيضا دليل على ضرورة الآخرة، فالحياة وحدة متكاملة تبدأ بالحياة الدنيا وتصير إلى الآخرة، وبعد تقرير صدق الشهادة يقينا لم يبق للإنسان إلاّ الإقرار بها قائلا: ﴿لا إِلهَ إِلاّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ لتفرّده تعالى بالألوهية وكمال المقدرة والحكمة.
واتصال الآية بما قبلها أنه لم يبق للكفار حجة لكفرهم مع وجود كل هذه الدلائل ولم يعد لذي عقل منهم سوى الاستسلام والإذعان للهدي الإلهي الذي هو الإسلام كما سيرد في الآية التالية:
١٩ - ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ﴾ الإسلام هو إسلام الأمر لله وحده، وهو أيضا الاستسلام لأمره، وهو بهذا المعنى يشمل جميع الأديان التي جاء بها الأنبياء، لأنّ أصلها التوحيد والاستسلام لله تعالى والانقياد لهداية الوحي ولو اختلفت بعض التكاليف وأحكام التشريع التي نسخت بعضها بعضا ﴿وَمَا اِخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلاّ مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ﴾ خرجوا عن الإسلام الذي جاء به أنبياؤهم بسبب البغي وهو تهالكهم على الأغراض الدنيوية والزعامات والعصبية والحسد ﴿وَمَنْ يَكْفُرْ بِآياتِ اللهِ﴾ التي تدلّ على وحدة الدين وحرمة الاختلاف والتفرق ﴿فَإِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ﴾ قد يرى الإنسان عاقبة عمله في الدنيا، فإن لم يكن فالآخرة قريبة، لأنّ الحياة محدودة وقصيرة، والزمن الدنيوي نسبي فسرعان ما ينقضي الأجل ويحين وقت الحساب.