١٠١ - ﴿تِلْكَ الْقُرى﴾ أي تلك الأمم والمجتمعات ﴿نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبائِها﴾ وقد قصصنا عليك منها خمسا، قوم نوح، وعاد، وثمود، وقوم لوط، ومدين ﴿وَلَقَدْ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ﴾ بآيات واضحات ومعجزات ﴿فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ﴾ ما كان لديهم الاستعداد للإيمان بما كذّبوا به قبل مجيء الرسل، إذ اعتادت نفوسهم على ما هم عليه من التقليد والعصبية والمعصية ﴿كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلى قُلُوبِ الْكافِرِينَ﴾ أي بسبب إصرار الكفار على كفرهم، تغفل عقولهم عن الحقيقة، وتعمى بصيرتهم، وكما هو أسلوب القرآن في العديد من الآيات فإن الله تعالى ينسب الطبع على القلوب إلى ذاته العليّة، مع أن ذلك من كسب الناس أنفسهم وفق سننه تعالى في خلقه.
١٠٢ - ﴿وَما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ﴾ أكثرهم لا يتّبعون ما جبلت عليه الفطرة من توحيد الخالق وطاعته، ولا ينظرون في الدلائل والحجج والآيات، وقد تكون الإشارة للعهد المشار له في الآية (١٧٢)، ﴿وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ﴾ خارجين عن الطاعة.
١٠٣ - ﴿ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ﴾ من بعد الأنبياء الذين جرى ذكرهم ﴿مُوسى بِآياتِنا إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِ﴾ - وهذه القصة السادسة - وفي حين أنّ القصص السابقة ركزت على بعث الرسل لمناهضة الشرك والفساد في أقوامهم، وأن كلّ تلك الأقوام قد بادت، فإن قصة موسى تختلف من حيث أنه بعث لدعوة الفراعنة إلى عبادة الله من جهة، ولتحرير وهداية بني إسرائيل من جهة ثانية، وتتضمن القصة أيضا ضياع بني إسرائيل في صحراء التيه بسيناء، وضياعهم الأسوأ عن تعاليم موسى وعن فحوى بعثته، وفشلهم المتكرر، وإثبات عدم جدارتهم بحمل الرسالة الإلهية، ضياع بني إسرائيل وفسادهم وإفسادهم الذي لا يزال مستمرا