للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٤٢ - ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصّابِرِينَ﴾ الإيمان يجب أن يصدّقه العمل، فلن تدخلوا الجنة بمجرّد تصديقكم الرسول بالكلام، وقبل أن يبتليكم تعالى بالمحن وبالجهاد بالأموال والأنفس، وحيث إنّ علمه تعالى محيط بالغيب كما هو محيط بكل شيء، فالمعنى أنه تعالى لا يحاسب الناس بحسب علمه بالغيب منهم، وإنما بتحقق وظهور أفعالهم إلى حيز الوجود.

﴿وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ﴾ (١٤٣)

١٤٣ - ﴿وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ﴾ كنتم تتمنّون القتال في سبيل الله كما تتمنّون الموت في القتال لتنالوا الشهادة ﴿فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ﴾ فقد شاهدتم الحرب ورأيتم استشهاد غيركم رأي العين، والمعنى أنّ التمنّي يجب أن يكون قابلا للتحقّق بالعمل، ولا يعتدّ بالكلام فقط، والإشارة المباشرة إلى وقعة أحد عند ما ألحّ جماعة من الشبان ممّن لم يشهدوا وقعة بدر على الرسول بالخروج من المدينة ومناجزة المشركين في معسكرهم بأحد، انظر شرح الآية (١٢١) أعلاه.

﴿وَما مُحَمَّدٌ إِلاّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ اِنْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشّاكِرِينَ﴾ (١٤٤)

١٤٤ - ﴿وَما مُحَمَّدٌ إِلاّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ﴾ خلت أي مضت، والمعنى أن النبي بشر كما كان الأنبياء من قبله يخضعون جميعا لسنن الله ونظامه في الخلق ﴿أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ اِنْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ﴾ أفإن مات كما مات إبراهيم وموسى وعيسى، أو قتل كما قتل يحيى وغيره، تنقلبون على أعقابكم، وقد حدث أنه لما فرّق خالد بن الوليد جمع المسلمين في أحد بعد أن خالف الرماة أمر النبي وتركوا مراكزهم في الجبل فأشيع أن النبي قتل، وقال بعض المنافقين: لو كان نبيا ما قتل فارجعوا إلى أصحابكم ودين آبائكم،

<<  <  ج: ص:  >  >>