للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ﴾ من ضعاف البنية، وكبار السن من الشيوخ ﴿وَلا عَلَى الْمَرْضى﴾ ويدخل فيهم الأعمى والأعرج وكل ذي عاهة، أو ذي مرض يمنعه من القتال ﴿وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ﴾ على أنفسهم من الزاد والراحلة، لأن اشتراكهم في الغزو لا يكون مفيدا إلاّ إن كان عندهم قدرة على الإنفاق على أنفسهم، من مالهم، أو من مال آخرين يعينونهم في المؤن والركوب خلال السفر، وإلاّ كانوا وبالا على المقاتلين وعبئا عليهم ومعوّقا لهم، ولأنه لم يكن لدولة المسلمين وقتئذ بيت مال ينفق عليهم ﴿حَرَجٌ﴾ أصل الحرج الضيق، كما في آية [الأعراف ٢/ ٧] و [الأنعام ١٢٥/ ٦]، والمعنى أنّ التكليف بالغزو والجهاد ساقط عن هذه الأصناف الثلاثة من الناس، فلا ضيق ولا حرج عليهم في حكم الشرع، بشرط إخلاصهم في النية والعمل، لقوله: ﴿إِذا نَصَحُوا لِلّهِ وَرَسُولِهِ﴾ بالإيمان والطاعة والقيام بدور إيجابي إذا قعدوا في البلد، فيمتنعوا عن نقل الشائعات وعن إثارة الفتن، ويعملوا ما في وسعهم لمساعدة أهالي المقاتلين، فالنصح إخلاص العمل من الغش، وفي الحديث: «الدين النصيحة "قيل لمن يا رسول الله قال:" لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم»، فالنصح لله إخلاص العقيدة في الوحدانية، والنصح لرسوله التصديق بنبوته وطاعته والعمل بسنته، والنصح لكتابه تعالى قراءته والعلم والتفقه فيه والعمل به، والنصح للأئمة طاعتهم وعدم الخروج عليهم وإرشادهم، والنصح للعامة ترك معاداتهم وإرشادهم ومحبة الصالحين منهم ﴿ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ﴾ وهو تعليل رفع الحرج عنهم، لأن كل ناصح لله ورسوله ينتظم في سلك المحسنين، فلا سبيل إلى مؤاخذة أمثالهم، ولا سبيل إلى إيقاعهم في الحرج ﴿وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ لهم.

﴿وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلاّ يَجِدُوا ما يُنْفِقُونَ﴾ (٩٢)

٩٢ - ﴿وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ﴾ أيها النبي ﴿لِتَحْمِلَهُمْ﴾ وهم صنف آخر من المعذورين الذين ليس عليهم من حرج في القعود، ولا سبيل إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>