للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٩ - ﴿يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا﴾ الأمر فاكتمه حتى لا ينتشر الخبر وهو خطاب العزيز ليوسف، وأتبع ذلك أن طلب من زوجته الاستغفار لذنبها:

﴿وَاِسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخاطِئِينَ﴾ كانت كثيرة الخطأ فيما مضى من أعمالها، وهو أحد الأسباب الذي زاد من قناعته في براءة يوسف، ويبدو أنه كان رجلا حليما.

وها هنا فارق كبير بين القصة القرآنية وقصة سفر التكوين حيث يزعم الأخير أن العزيز صدّق امرأته وأودع يوسف السجن على الفور، كما أنه ليس في سفر التكوين التفاصيل المذكورة بالآيات (٣٠ - ٣٥)،

﴿وَقالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ اِمْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُراوِدُ فَتاها عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَها حُبًّا إِنّا لَنَراها فِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾ (٣٠)

٣٠ - ﴿وَقالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ﴾ سرت القصة من قصر العزيز إلى المدينة حتى تداولتها ألسن النسوة، ونسوة: جمع تكسير للقلّة من النساء، وهنّ قلّة لأنهنّ من بيوتات كبار الدولة التي سرى إليها الخبر ﴿اِمْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُراوِدُ فَتاها عَنْ نَفْسِهِ﴾ عبّر عنه بالمضارع للدلالة على دوام المراودة ﴿قَدْ شَغَفَها حُبًّا﴾ أي شقّ حبّه شغاف قلبها، فملك عليها أمرها حتى أنها لا تبالي بما يكون من عاقبة عملها ﴿إِنّا لَنَراها فِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾ لا يخفى على أحد، ولم يكن قول النسوة هذا إنكارا لتهتكها وإنما هو مكر بها كي يصل قولهنّ إليها فتبادر بدعوتهن لإبداء عذرها فيشاهدن يوسف بأنفسهنّ إرضاء لفضولهنّ.

﴿فَلَمّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ واحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّيناً وَقالَتِ اُخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حاشَ لِلّهِ ما هذا بَشَراً إِنْ هذا إِلاّ مَلَكٌ كَرِيمٌ﴾ (٣١)

٣١ - ﴿فَلَمّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ﴾ أي باغتيابهنّ كما هو متوقّع، وكان من الطبيعي أن تسمع به لما هو معروف في أمثالهن من النميمة وتناقل الكلام فيما بينهنّ ﴿أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ﴾ تدعوهنّ إلى وليمة في دارها ﴿وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً﴾ هيّأت لهنّ ما يتكئن عليه إذا جلسن على الأرائك، والمعنى مجلسا مريحا ﴿وَآتَتْ﴾

<<  <  ج: ص:  >  >>