للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعضنا بصحبة بعض، لأن المصالح الدنيوية كانت متبادلة بينهم ﴿وَبَلَغْنا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنا﴾ وهو يوم البعث والجزاء، قالوا ذلك معترفين بذنوبهم، مظهرين الحسرة والندامة ﴿قالَ النّارُ مَثْواكُمْ﴾ مقامكم ومصيركم كنتيجة طبيعية لما قدّمتم في حياتكم الدنيا، فلا ينفع الندم بعد الفوات ﴿خالِدِينَ فِيها إِلاّ ما شاءَ اللهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ﴾ حكيم بما تتعلق به مشيئته، وعليم بما يستحق المجرمون من عقاب، فمشيئته تعالى مترتبة على الحكمة والعلم.

﴿وَكَذلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظّالِمِينَ بَعْضاً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ﴾ (١٢٩)

١٢٩ - ﴿وَكَذلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظّالِمِينَ بَعْضاً﴾ وهم الذين كانوا يعاشرون عناصر الشر، يكونون أولياء وأنصارا بعضهم لبعض، لأنهم على شاكلة واحدة في الخبث والفساد ﴿بِما كانُوا يَكْسِبُونَ﴾ بنتيجة اشتراكهم في عمل السيئات وهو سبب تقاربهم وتناصرهم.

﴿يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا قالُوا شَهِدْنا عَلى أَنْفُسِنا وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَشَهِدُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كانُوا كافِرِينَ﴾ (١٣٠)

١٣٠ - ﴿يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي﴾ يتلون عليكم آياتي التي أوحيتها إلى الرسل ويأمرونكم بالإيمان ومكارم الأخلاق وصالح الأعمال ﴿وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا﴾ وهو يوم البعث والحساب ﴿قالُوا شَهِدْنا عَلى أَنْفُسِنا﴾ بأن الرسل قد بلّغت الرسالة وأن ليس من عذر بالغفلة - الآية التالية -، وإنّما غلبتهم الحياة الدنيا على صالح أمرهم ﴿وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا﴾ بكثرة المال، واتباع الشهوات، والتطلع إلى الجاه الزائف والتسلط على الناس ﴿وَشَهِدُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كانُوا كافِرِينَ﴾ أقرّوا أنهم لم يؤمنوا بما جاء به الرسل، أو أنهم لم يعملوا بما يترتب على الإيمان من العمل الصالح والإذعان للرسالة السماوية.

<<  <  ج: ص:  >  >>