والانحراف عن الدين، وابتكار الشرائع الوضعية ﴿وَاُدْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً﴾ ليكن دعاؤكم بين الخوف والرجاء، ولا تقطعوا أنكم إذا اجتهدتم فقد أدّيتم حق ربّكم، ويحتمل المعنى أيضا أن من لا يدعو ربّه تضرّعا وخفية، وخوفا وطمعا، يكون أقرب إلى الإفساد منه إلى الإصلاح ﴿إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾ أي إنّ أثر رحمة الله - بحذف المضاف - قريب من الذين يدعون ربهم، وهم محسنون في عبادتهم وأعمالهم.
٥٧ - تتمة الخطاب من الآية (٥٤)، والمعنى إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض، وهو الذي يرسل الرياح: ﴿وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ﴾ قالوا إنّ الرحمة بهذا المعنى هي المطر، لأنه تعالى جعل من الماء كل شيء حي، فالرياح تسوق السحاب وتبشر بهطول المطر ﴿حَتّى إِذا أَقَلَّتْ سَحاباً ثِقالاً﴾ عندما تحمل الرياح السحاب المثقل بالرطوبة - لأنّ الإقلال حمل الشيء، واشتقاقه من القلة لأن الحامل يستقل ما يحمله أي يعدّه قليلا، ومنه قولهم: جهد المقلّ أي الحامل - ﴿سُقْناهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ﴾ لأجل بلد ميت من شدة العطش، أو إلى بلد ميت، والبلد كل موضع من الأرض عامر أو غير عامر ﴿فَأَنْزَلْنا بِهِ الْماءَ فَأَخْرَجْنا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ﴾ من كل أنواعها ﴿كَذلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتى﴾ وهو مغزى الآية، لأنّ القادر على إحياء الأرض الميتة وإخراج النبات والثمار منها، قادر أيضا على إحياء الموتى يوم الحساب ﴿لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ التشابه بين الحالتين، والمعنى كيف تذهلون عن معجزة إحياء الأرض الميتة؟ وأنتم تنكرون البعث؟