٦٠ - ﴿وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفّاكُمْ بِاللَّيْلِ﴾ أطلق التوفّي على النوم مجازا، لأن النائم تذهب معظم حواسه فهو كالميت، قال تعالى: ﴿اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها﴾ [الزمر: ٣٩/ ٤٢]، وذكر الليل لأن النوم غالبا ما يكون بالليل ﴿وَيَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ﴾ أي ما كسبتم من الأعمال في النهار الذي سبق الليل، وذكر النهار لأن العمل غالبا يكون فيه، وجرحتم نسبة إلى الجوارح وهي الأعضاء العاملة ﴿ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ﴾ أي في النهار الذي يلي الليل، والبعث هنا اليقظة، والمغزى أن القادر على بعثكم من توفّي النوم قادر على بعثكم من توفي الموت ﴿لِيُقْضى أَجَلٌ مُسَمًّى﴾ يوقظكم ويرسلكم في أعمالكم إلى أن يقضى وينتهي الأجل المسمى في علمه لكل فرد منكم، وهو أجل الموت ﴿ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ﴾ يكون رجوعكم إليه وحده عند انتهاء آجالكم ﴿ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ فيحاسبكم عليه.
٦١ - ﴿وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ﴾ فلا يعجزه أحد منهم ﴿وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً﴾ من الملائكة ﴿حَتّى إِذا جاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ﴾ عندما يحين الأجل ﴿تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ﴾ فلا يفوتهم أحد من الخلق، كلّ في أجله.
٦٢ - ﴿ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللهِ﴾ أي ردّوا إلى قضاء الله وحكمه وجزائه، واستخدام الفعل الماضي لإفادة تحقق الوقوع لا محالة ﴿مَوْلاهُمُ الْحَقِّ﴾ سيّدهم الحق، وقد زال ما كان من ولاية غيره الباطلة الواهمة - من الزعماء والرؤساء - بزوال عالم الدنيا، وبقي المولى الحق، والحق في اللغة هو الثابت المتحقق، بعكس