للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿يا صاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللهُ الْواحِدُ الْقَهّارُ﴾ (٣٩)

٣٩ - ﴿يا صاحِبَيِ السِّجْنِ﴾ أي يا صاحبيّ في السجن، بحذف حرف الجر ﴿أَأَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ﴾ في العدد والكثرة، تعبدونهم وتستعبدون أنفسكما لهم خلافا لكل عقل ومنطق ﴿خَيْرٌ﴾ لكما؟ بما في ذلك من الاضطراب والانقسام فيكم ﴿أَمِ اللهُ الْواحِدُ﴾ الذي يستحيل أن يكون غيره بوجه من الوجوه، وقد خلقكم وكرّمكم ﴿الْقَهّارُ﴾ الغالب على أمره، في مقابلة هؤلاء المتفرقين من أصنام وزعماء وقديسين وكواكب الذي سميتموهم أربابا وهم مقهورون مغلوبون على أمرهم، ومع ذلك تذلّون أنفسكم وتضعونها لهم.

﴿ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلاّ أَسْماءً سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاّ تَعْبُدُوا إِلاّ إِيّاهُ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾ (٤٠)

٤٠ - ﴿ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ﴾ تعالى ﴿إِلاّ أَسْماءً﴾ هي مجرّد ألفاظ فارغة لا مسميات تحتها، ليس لها في الحقيقة من وجود ولا حول ولا قوة ﴿سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ﴾ بمحض الجهل والتقليد ﴿ما أَنْزَلَ اللهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ﴾ ليس من حجة تدل على صحتها لا عقلا ولا نقلا ﴿إِنِ الْحُكْمُ﴾ الحق في العقائد والعبادات والشرع ﴿إِلاّ لِلّهِ﴾ وحده، بوحيه لمن اصطفى من رسله، وليس لبشر أن يحكم فيه برأيه وهواه، ولا بعقله واستدلاله، ولا باجتهاده واستحسانه ﴿أَمَرَ أَلاّ تَعْبُدُوا إِلاّ إِيّاهُ﴾ وكلّ ما عداه خاضع لإرادته وسننه في أسباب المنافع والمضار ﴿ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ﴾ الثابت الذي دلّت عليه البراهين، وجاءت به الرسل ﴿وَلكِنَّ أَكْثَرَ النّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾ ذلك حق العلم، أو لا يعلمون شيئا أصلا فهم يعبدون مجرد أسماء في حين أن المسمّى غير حاصل.

﴿يا صاحِبَيِ السِّجْنِ أَمّا أَحَدُكُما فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيانِ﴾ (٤١)

٤١ - بعد أن أكمل يوسف موعظته وإرشاده لهما، بدأ بتأويل رؤياهما: ﴿يا صاحِبَيِ السِّجْنِ أَمّا أَحَدُكُما﴾ الذي رأى أنه يعصر خمرا ﴿فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً﴾

<<  <  ج: ص:  >  >>