للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿لأن الله تعالى أنزل الوحي على الأنبياء والرسل مبيّنا للناس معايير الصواب من الخطأ، وموضحا أسس العدالة، ثم يكون الحساب يوم وقوع الساعة: ﴿اللهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزانَ وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السّاعَةَ قَرِيبٌ﴾ (١٧)،

وفي حين يتهكم الكفار باستعجال الساعة كونهم منكرين لها بلا برهان يقيني، فإن المؤمنين في رهبة من وقوعها إذ بها تتحقق العدالة والثواب والعقاب:

﴿يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي السّاعَةِ لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ﴾ (١٨)،

غير أنه تعالى يلطف بعباده إذ يمهلهم ولا يعاجلهم، ويظهر مناقبهم ولا يكشف مثالبهم، وفي الحديث: "يا من أظهر الجميل وستر القبيح"، وهو يرزق من يشاء بحسب المصلحة فلا ينازعه في ذلك أحد: ﴿اللهُ لَطِيفٌ بِعِبادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ﴾ (١٩)،

ومن لطفه تعالى بعباده أنه يرزق المؤمن والكافر على السواء بحسب سننه في الكون، ولكن الحياة الدنيا ليست نهاية المطاف فلا تتحقق العدالة بالكامل إلا في الآخرة: ﴿مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ﴾ (٢٠)،

ما يؤدي بالكفار إلى الغرور والانهماك في الدنيا والمادة حتى تصبح المادية دينا لهم ومقياسا لم يأذن به الله، في حين اقتضت المشيئة الإلهية أن تكون الحياة الدنيا مرحلة أولى فقط من الحياة الكاملة: ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ ما لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللهُ وَلَوْلا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ﴾ (٢١)،

وعندها تقع بالظالمين عواقب ما كسبوا من السيئات، ويتمتع المؤمنون الذي عملوا الصالحات بحياة هانئة كنتيجة طبيعية لما كانوا عليه في دنياهم من الهدى:

<<  <  ج: ص:  >  >>