العامة ولشؤون الدعوة إلى الإسلام والمساجد والتعليم الديني وللحكومة ولذوي الحاجات من ضعفاء الأمة، والحكمة من ذلك أن الدولة الإسلامية التي تدير سياسة الأمة لا بد لها من مال تستعين به على شؤونها ﴿إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ﴾ إيمانا يقتضي منكم التسليم والإذعان لأوامره، أي إيمان عمل وتنفيذ، وليس بالكلام فقط ﴿وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا﴾ النبي ﷺ من الآيات، ومن التأييد بالملائكة المثبتين لكم في القتال ﴿يَوْمَ الْفُرْقانِ﴾ ويوم وقعة بدر، وسمّي فرقانا لأنه بنصر المؤمنين قد فرق الحق من الباطل ﴿يَوْمَ اِلْتَقَى الْجَمْعانِ﴾ جمع القلّة من المؤمنين، وجمع المشركين الأكبر عددا وعدّة ﴿وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ بأن ينصر من يشاء من عباده.
٤٢ - استمرار الخطاب من الآية السابقة، والمعنى: إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان: ﴿إِذْ أَنْتُمْ﴾ أيها المؤمنون ﴿بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا﴾ عندما كنتم مرابطين بجانب الوادي الأقرب إلى المدينة، والعدوة جانب الوادي، والدنيا مؤنث الأدنى، أي الأقرب ﴿وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوى﴾ الكفار في الجانب الأبعد من وادي بدر إلى ناحية مكة، والقصوى مؤنث الأقصى، أي الأبعد ﴿وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ﴾ الركب هم قافلة أبي سفيان القادمة بالتجارة من الشام، وهم أسفل منكم، لأنهم كانوا على شاطيء البحر، والمسلمون في الجبل بوادي بدر، وكان أبو سفيان قد غيّر طريق عودته وسار بحذاء البحر، بعدما وصلته إشاعة استعداد المسلمين للإغارة على قافلته ﴿وَلَوْ تَواعَدْتُمْ﴾ أنتم وأهل مكة على القتال ﴿لاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعادِ﴾ لاختلفتم في توقيت مكان وزمان المعركة، فقد كانت هنالك أهداف متغايرة للطرفين، فمن جهة خرجت قريش بجيشها لإنقاذ القافلة وللقضاء على المسلمين قضاء نهائيا، وكان نزولهم في جانب الوادي الذي به الماء وفوق أرض صلبة لا بأس بها، ومن جهة ثانية كان قرار المسلمين