البيت الحرام، هم ومن بعدهم، متبرّكين بتلك البقعة المباركة من الأرض ﴿فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النّاسِ﴾ وهم المسلمون ﴿تَهْوِي إِلَيْهِمْ﴾ تميل إلى الحج في البيت الحرام، وتنجذب بعاطفتها الروحية إلى هذه الأرض المباركة فتكون لهم قاعدة روحية دينية ثقافية وتجارية، ويكون ذلك سببا في رزقهم ورزق أهل مكة ﴿وَاُرْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ﴾ أي بعض الثمرات التي ترد عليهم من تقاطر الوفود والحجاج ومن عمارة القرى حولهم وزراعتها، لكي يطمئنوا لرعاية الله لهم وتدبيره فيشكروا نعمه ﴿لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ﴾ فيزدادوا عبادة وإخلاصا وعملا ودعوة إلى ديانة التوحيد.
٣٨ - ﴿رَبَّنا إِنَّكَ تَعْلَمُ ما نُخْفِي وَما نُعْلِنُ﴾ من نوايا وأفكار ومشاعر وطموحات وحاجات، فلا يخفى عليك سبحانك شيء مهما حاولنا إخفاءه في قلوبنا، وإنما ندعوك ونبتهل إليك تضرعا وعبادة وخشوعا ﴿وَما يَخْفى عَلَى اللهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ﴾ فمن باب أولى أنه لا تخفى عليه حاجاتنا الخفية والظاهرة.
٣٩ - ﴿الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ﴾ أي مع كبر سنّي ويأسي أن يكون لي ولد ﴿إِنَّ رَبِّي﴾ ومالك أموري ومتوليها ﴿لَسَمِيعُ الدُّعاءِ﴾ يسمع دعاء عباده المخلصين، فيستجيب لهم بحسب مصالحهم.
٤٠ - بعد أن حمد الله تعالى على أن وهبه الذرية دعاه أن يكون وذريته مقيما للصلاة: ﴿رَبِّ اِجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ﴾ مواظبا عليها ﴿وَمِنْ ذُرِّيَّتِي﴾ من للتبعيض أي اجعل بعضا من ذريتي مقيما للصلاة، لأن البعض الآخر من الذرية