للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿وهم يتربّصون الشر بالمسلمين ويودّون لو ترتدّوا عن دينكم: ﴿إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْداءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ﴾ (٢)

وتحدد أن روابط الإيمان أقوى من روابط القربى مع الكفار: ﴿لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحامُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ (٣)

وتضرب في ذلك مثلا قصّة إبراهيم وصحبه إذ تبرؤوا من قومهم ما داموا على الكفر: ﴿قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ وَمِمّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ كَفَرْنا بِكُمْ وَبَدا بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ الْعَداوَةُ وَالْبَغْضاءُ أَبَداً حَتّى تُؤْمِنُوا بِاللهِ وَحْدَهُ إِلاّ قَوْلَ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَما أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا وَإِلَيْكَ أَنَبْنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ﴾ (٤)

ودعاء إبراهيم وأصحابه: ﴿رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا﴾ أي لا تسلط الكفار علينا فيفتنونا، أي نصبح مفتونين منصرفين عن هذا الدين الحق بظلمهم وقهرهم، ولا تفتنهم بنا فيزدادوا كفرا وعنادا لظنهم أن لو كنّا على الحق لما استطاعوا أن يظهروا علينا ﴿وَاِغْفِرْ لَنا رَبَّنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ (٥) والمعروف أنّ الدعاء يجب أن يقترن باتخاذ الأسباب.

فالآية تحث المسلمين أن يكونوا كإبراهيم وصحبه: ﴿لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾ (٦)

غير أن عدواة الكفار للمسلمين ليست نهائية فقد يهتدي البعض منهم للإسلام: ﴿عَسَى اللهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً﴾ إذا تابوا وأسلموا ﴿وَاللهُ قَدِيرٌ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٧)﴾ فالله تعالى قادر على تقليب القلوب وتغيير الأحوال وتسهيل أسباب المودة.

<<  <  ج: ص:  >  >>