١٥٩ - ﴿وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ﴾ أي يهدون الناس بالحق، وهم الذين يتبعون الرسول النبي الأمي المشار إليه في الآيتين السابقتين ﴿وَبِهِ﴾ أي بالحق ﴿يَعْدِلُونَ﴾ في التعامل مع الناس، وفي آيات [آل عمران ١١٣/ ٣ - ١١٤] توجد إشارة إلى أمثال هؤلاء الناس أيضا، والمقصود أنه مهما كانت الغالبية من القوم على درجة من العصيان والتعصب والضلال، ممّا طبع تاريخ اليهود بشكل خاص على مر العصور، فإنه يوجد دوما من الناس الأتقياء بينهم، مهما قلّ عددهم، من يهتدي بهدي الرسل ويدخل الإسلام، ويعمل بموجبه، وفي الآية إشارة أيضا أنه تعالى يحاسب الناس فرادى، ولا يأخذهم بجريرة قومهم.
وفي تفسير (أمّة) هنا خرافات إسرائيلية نقلها الطبري عن ابن جريج، قال هم سبط من بني إسرائيل ساروا في نفق من الأرض فخرجوا من وراء الصين إلخ ..
قال الشيخ رشيد رضا: وابن جريج على سعة علمه وروايته وعبادته شر المدلّسين تدليسا، وأئمة الجرح والتعديل لا يعتدّون بشيء يرويه، ونقل هذه الخرافة كثيرون وبحثوا فيها مباحث لا يستحق شيء منها أن يحكى (المنار).
١٦٠ - ﴿وَقَطَّعْناهُمُ اِثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً أُمَماً﴾ من نعمه تعالى على بني إسرائيل أن جعلهم فرقا متميّزة بعدد أسباط يعقوب الاثني عشر، لكي ينتظموا ولا تقع فيهم الفوضى والهرج والمرج، انظر شرح آية [المائدة ١٢/ ٥] عن بعث النقباء الاثني عشر فيهم ﴿وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى إِذِ اِسْتَسْقاهُ قَوْمُهُ أَنِ اِضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اِثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً﴾ انفجرت من الحجر اثنتا عشرة عينا بعدد الأسباط، وهي نعمة ثانية من نعمه تعالى عليهم في الصحراء القاحلة،