ومغزى المعاني وصحتها، والعبر الأخلاقية منها، وإلاّ فالقصة مذكورة في كتب اليهود (سفر التكوين بالفصول ٣٧ - ٥٠) بثغرات عديدة واختلافات كثيرة عن القصة القرآنية، إذ إنّ قصة سفر التكوين خالية من المباديء الأخلاقية وقواعد السلوك السليم وفيها تمجيد واستحسان لأحابيل اليهود ضد المصريين، أما القصة القرآنية فهي أقرب إلى روحانية الموعظة وإظهار العبر والحكمة الإلهية من الكثير من الأحداث التي تخفى على معظم الناس، وقد أورد مالك بن نبي في كتابه الظاهرة القرآنية وجوه التباين بالتفصيل بين القصتين في القرآن الكريم والكتاب اليهودي المقدس.
قال تعالى ﴿وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ﴾ [النحل ١٠٣/ ١٦]، فهم يزعمون أن النبي ﷺ تعلم القرآن من كتب اليهود والمسيحية مع أن تلك الكتب أعجمية، كانت باللسان السرياني، طبعة البسيطة Peshitta ، أو اليوناني، الطبعة السبعينية Septuagint ، أو اللاتيني، الطبعة الشائعة Vulgate ، ولم تترجم إلى العربية إلا بعد بعثة النبي ﷺ بحوالي أربعة قرون،
ويحتمل المعنى أيضا: نحن نقص عليك أحسن القصص بما فيها من العبر الهامة جدا: أن الحكم لله تعالى لا راد لمشيئته، الآية (٦٧)، ﴿بِما أَوْحَيْنا إِلَيْكَ هذَا الْقُرْآنَ﴾ بوحينا إليك هذا القرآن ﴿وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ﴾ من قبل هذا الوحي ﴿لَمِنَ الْغافِلِينَ﴾ عن قصة يوسف وأخوته، أو من الغافلين عن حقائق الدين والشريعة،
٤ - وهي القصة المشار لها بأحسن القصص: ﴿إِذْ قالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ﴾ في الرؤيا وليس في الرؤية، لقوله ﴿لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ﴾ (٥)، ولقوله ﴿هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ (١٠٠)﴾، والرؤيا وإن كانت بمعنى الرؤية إلا أنها