نزّلنا عليك القرآن تدريجيا، بيانا لكل ما يحتاجه الناس في حياتهم، في التفريق بين الحق والباطل، بالمعنى الفردي والاجتماعي لذلك ﴿وَهُدىً﴾ إلى الطريق المستقيم ﴿وَرَحْمَةً﴾ منه تعالى، لأن الرحمة أيضا بمعنى الوحي ﴿وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ﴾ الذين أسلموا أمرهم لله، بما ينتظرهم في الآخرة،
٩٠ - بعد أن ذكرت الآية المتقدمة أن القرآن الكريم نزل على البشرية تبيانا لكل شيء من الحق والباطل، تفصّل الآيات (٩٠ - ٩٧) بعضا من ذلك:
﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ﴾ حتى لو كان صاحب الحق كافرا يعطى حقه ﴿وَالْإِحْسانِ﴾ في العمل، وفي الحديث أن الله تعالى كتب الإحسان على كل شيء ﴿وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى﴾ العطاء لهم، ودائرة ذوي القربى على درجات، تبدأ من قرابة الدم، إلى قرابة المصاهرة، وتتسع لتشمل العطاء للمحتاجين من كل جنس ﴿وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ﴾ الأفعال والأقوال القبيحة التي تتجاوز العرف ﴿وَالْمُنْكَرِ﴾ وهو ما يقابل العرف، ومضمونه الفعل أو القول الذي تستنكره العقول لقبحه، أو لمفسدته، وضرره ﴿وَالْبَغْيِ﴾ العدوان بالكلام أو بالفعل على الناس ظلما ﴿يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ مسؤولياتكم،
٩١ - ﴿وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ إِذا عاهَدْتُمْ﴾ إذا عاهدتم الآخرين وحلفتم الأيمان على عهودكم، كان ذلك بمثابة عهد أمام الله، انظر شرح آية [البقرة ٢٧/ ٢] ﴿وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً﴾ لأن من حلف بالله تعالى فكأنه جعل الله كفيلا بالوفاء بسبب حلفه ﴿إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ﴾ فيحاسبكم على ما يصدر من أعمالكم إلى حيز التنفيذ،