﴿ومن يؤمن بالوحي ييسّر تعالى حياته إلى اليسر والسكينة: ﴿وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرى﴾ (٨)
فيكون من واجبه تذكير الآخرين بالحقيقة، سواء نفعت الذكرى: ﴿فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى﴾ (٩) أم لم تنفع بدليل تتمة الخطاب:
فالنفع يحصل لمن في قلبه خشية لله: ﴿سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى﴾ (١٠)
ولا ينتفع من الذكرى من أعجبته نفسه واختار التكبّر: ﴿وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى﴾ (١١)
فيجعل نفسه في عداد الأشقياء المعذّبين كنتيجة طبيعية لما كان عليه من الكبر: ﴿الَّذِي يَصْلَى النّارَ الْكُبْرى * ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى﴾ (١٢ - ١٣)
وتحصل السعادة كنتيجة طبيعية لمن تطهّر عمله عن الرياء والتقصير، وثابر على الذكر والدعاء: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكّى * وَذَكَرَ اِسْمَ رَبِّهِ فَصَلّى﴾ (١٤ - ١٥) والصلاة بمعنى الدعاء لأن الصلاة المكتوبة لم تكن وقت نزول السورة المبكّر في مكة،
غير أن النفس البشرية ميّالة للدنيا غافلة عن الآخرة: ﴿بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا * وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى﴾ (١٦ - ١٧) وليس معنى ذلك أن القرآن الكريم ينظر إلى الدنيا نظرة سلبية فالمسلم الحق يبتغي فيما آتاه الله الدار الآخرة ولا ينسى نصيبه من الدنيا [القصص ٧٧/ ٢٨].
وكل ذلك مذكور في الوحي الذي سبق ونزل على الأنبياء ومنهم إبراهيم وموسى، فالقرآن الكريم استمرار لما سبقه من الوحي وخاتمه: ﴿إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى * صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى﴾ (١٨ - ١٩).
الوجه الآخر لمعنى الآيات (٦ - ٩) أن يكون الخطاب بالدرجة الأولى للنبي ﷺ، وأن جبريل ﵇ كان يقرؤه القرآن فلا ينسى النبي العمل به