للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم تضرب السورة مثلا بالمستكبرين الذين يعبدون الأوهام والثروات ويلهثون وراء السلطة والقيم الزائفة بأنهم كمن يلوذ ببيت العنكبوت: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ اِتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ أَوْلِياءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اِتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ﴾ (٤١)، وقد فاتهم أن الخلق ليس عبثا وإنما ذو مغزى: ﴿خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ (٤٤)، كما فاتهم على القرآن والعمل به مما هو أكثر من كاف لدنياهم وآخرتهم: ﴿أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ يُتْلى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ (٥١)، غير أن العجز الفكري والتشنج على ما يعتاده أناس من أوهام يؤدي بهم إلى أسوأ العواقب: ﴿وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَلَوْلا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجاءَهُمُ الْعَذابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ﴾ (٥٣).

لذا تنبّه السورة المنهمكين في الحياة الدنيا الذين لا يدركون أنها لعب ولهو في جنب الحياة الحقيقية في الآخرة: ﴿وَما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاّ لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ﴾ (٦٤)، وتختم بالفكرة التي بدأت منها أن الذين يجاهدون النفس والهوى ويجاهدون في سبيل نشر الإسلام بالقناعة والقدوة الحسنة، يهديهم الله تعالى إلى سبله القويمة: ﴿وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾ (٦٩).

﴿الم﴾ (١)

١ - ﴿الم﴾ الله أعلم بمراده، انظر [البقرة ١/ ٢].

﴿أَحَسِبَ النّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ﴾ (٢)

٢ - ﴿أَحَسِبَ النّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنّا﴾ بالقول ﴿وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ﴾ بالفعل، أي باختبار إيمانهم بظهوره إلى حيّز العلن، نتيجة قرن الإيمان بالعمل

<<  <  ج: ص:  >  >>