٦ - ﴿وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ﴾ مذكّرا إياهم بأيام الله السالفة في ابتلائهم ﴿اُذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ﴾ من ظلمهم ﴿يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ﴾ بمختلف الوسائل ﴿وَيُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ﴾ بغرض الإبادة وخوفا من نشوء جيل جديد منهم يقف في وجه طغيانهم ﴿وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ﴾ يستبقونهنّ كي يستفيدوا منهنّ لخدمتهم ﴿وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ﴾ اختبار لكم عظيم، والبلاء هو الابتلاء، وقد يكون ذلك بالنعمة تارة وبالنقمة تارة أخرى،
٧ - تتمة خطاب موسى لقومه: ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ﴾ الأذان هو الإعلان، والمعنى هنا أنه تعالى جعله معلوما لديهم: ﴿لَئِنْ شَكَرْتُمْ﴾ النعم بالإفادة منها في الطاعات والعمل الصالح، لأن الشكر ليس بالقول فقط وإنما بالعمل، وهو معنى العبادة ﴿لَأَزِيدَنَّكُمْ﴾ من النعم أكثر مما تستحقون ﴿وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ﴾ كفران النعم بالجحود ﴿إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ﴾ التعريض بالعذاب بعد التصريح بالإنعام.
٨ - ﴿وَقالَ مُوسى إِنْ تَكْفُرُوا﴾ نعمه سبحانه ولم تشكروها بالعمل الصالح ﴿أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً﴾ لم يتضرر ﷾ بل يتضرر الجاحد بكفرانه النعم ﴿فَإِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ﴾ عن شكر الناس أجمعين، لأنه تعالى لا ينتفع من شكرهم ولا يتضرر من كفرانهم، فالمنفعة والضرر تعود إلى العابد لا إلى المعبود ﴿حَمِيدٌ﴾ مستوجب الحمد بذاته وإن لم يحمده أحد من الناس، وكأن موسى بثاقب نظره النبوي، وبما لمس منهم من المعاندة والنكوص إلى عبادة العجل الذهبي كان يتوقع مستقبلهم الحافل بالجرائم وبالارتكاس المتكرر نحو الوثنية.