للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٠ - ﴿وَما جَعَلَهُ اللهُ إِلاّ بُشْرى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ﴾ أي إن خبر الإمداد بالملائكة لم يكن سوى بشرى تطمئن بها القلوب، فتشعر بالمدد الإلهي الروحاني ويزول الخوف، وظاهر النص القرآني أن الإمداد بالملائكة فائدته التثبيت المعنوي، ولا يفيد اشتراك الملائكة في القتال ﴿وَمَا النَّصْرُ إِلاّ مِنْ عِنْدِ اللهِ﴾ فلا تفيد العدو كثرته وعدّته، إذا صحت النية والإخلاص واتخاذ الأسباب لدى المؤمنين ﴿إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ عزيز في قمع جبروت الكفار، حكيم في نصر من يستحق النصرة.

﴿إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ وَلِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ﴾ (١١)

١١ - ﴿إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ أَمَنَةً مِنْهُ﴾ وهذا من جملة استجابته تعالى لاستغاثة المسلمين، إذ غشّاهم النعاس فأمنت نفوسهم وسكنت، وزال عنهم شعور الخوف، وذهلوا عن الخطر وتفوق العدو ﴿وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ﴾ وهي نعمة ثالثة في استجابته تعالى للمؤمنين، فقد سبقهم أبو جهل وجيشه إلى وادي بدر واستولى على موضع الماء، في حين وصل المؤمنون بعده وهم على درجة كبيرة من العطش، وأعوزهم الماء للشرب والوضوء، وأصابهم الخوف على قلّتهم إذا استمر الوضع على تلك الحال والقتال لمّا يبدأ بعد، فأغاثهم تعالى بالمطر دليلا على تأييده لهم، فحفروا في الأرض أحواضا سالت إليها المياه فشربوا واغتسلوا وتوضؤوا للصلاة ﴿وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ﴾ نزول المطر وشربهم واغتسالهم ووضوئهم أذهب عنهم وسواس الشيطان لهم بأنهم الفريق الأضعف ﴿وَلِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ﴾ فيثبتها ويوطّنها على الصبر ﴿وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ﴾ لأن هطول المطر على الرمل جعله أكثر ثباتا لأقدام مشاة المسلمين في مقابلة فرسان المشركين.

﴿إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ وَاِضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنانٍ (١٢)

<<  <  ج: ص:  >  >>