١٢ - ﴿إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ﴾ أوحى تعالى إلى الملائكة أنه مع المؤمنين، والضمير في معكم عائد للمؤمنين، لأنهم الطرف الذي كان يخاف الكفار، أما الملائكة فلا مجال لخوفهم من الكفار أو من غيرهم، وإنما الخائف هم المسلمون، وعبارة ﴿أَنِّي مَعَكُمْ﴾ استمرار الخطاب الموجه إلى المؤمنين الذي بدأ في الآية (٧)، فيكون تقدير الخطاب: إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم - أيها المؤمنون -، أو: إذ يوحي ربك إلى الملائكة - أن ألهموا المؤمنين - أني معكم ﴿فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ بإعلامهم أنه تعالى معهم ﴿سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ﴾ وهو مزيد من التثبيت للمؤمنين، فمن جهة، ألقت الملائكة في روع المؤمنين أن الله تعالى معهم، ومن جهة ثانية أنه ألقى الرعب في قلوب الكفار ﴿فَاضْرِبُوا﴾ أيها المؤمنون ﴿فَوْقَ الْأَعْناقِ وَاِضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنانٍ﴾ البنان هي الأصابع، والمعنى اضربوا، الرؤوس والأعناق والأيدي والأرجل، فلا يكون الضرب على الدروع التي كان يلبسها المشركون، وهو استمرار الخطاب للمؤمنين من الآيات السابقة، وقد يكون إلهاما من الملائكة للمؤمنين، لأن الملائكة لم تشترك في القتال كما هو واضح من الآية (١٠)، قال الرازي:"هذا الأمر للمؤمنين، لأنه تعالى ما أنزل الملائكة لأجل المقاتلة والمحاربة، واعلم أنه تعالى لما بيّن أنه حصل في حق المسلمين جميع موجبات النصر والظفر، فعندئذ أمرهم بالقتال".
ومغزى الضرب فوق الأعناق وضرب البنان أن الكفار كانوا يرتدون الدروع، فعند هجوم الفارس من الكفار كان على الراجل من المسلمين أن يبادره بقطع يده أو يضربه على العنق أو فوق العنق قبل أن يبتدره الفارس بالضرب.
وقد ذكر الشيخ رشيد رضا في المنار في معرض نفيه روايات اشتراك الملائكة في القتال يوم بدر ما يلي "فإذا كان تأييد الله للمؤمنين بالأمور الروحانية التي تضاعف القوة المعنوية، وتسهيله لهم الأسباب الحسية كإنزال المطر وفوائده