٨٦ - ﴿وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها﴾ لأن المقصود هو الحفاظ على الألفة وحسن الأدب بين المسلمين بعضهم البعض، وبين المسلمين وغيرهم.
كما أنّ تحية المسلمين هي السلام، فيكون المعنى أيضا أن إلقاء السلام من طرف على آخر هو بمثابة أمان للطرفين، ولذلك أمر تعالى باحترام هذا الأمان وتوعّد بالمحاسبة عليه فقال: ﴿إِنَّ اللهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً﴾ ونظير ذلك في الآية (٩٤)، والآية استمرار لما قبلها من جهة بيان آداب القتال والمسالمة والأمان وعدم التعرض للمسالمين غير المقاتلين من العدو.
﴿اللهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ حَدِيثاً﴾ (٨٧)
٨٧ - ﴿اللهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ﴾ تأكيد لحقيقة التوحيد أي لا مستحق للعبادة إلاّ الله تعالى، والعبادة هي الطاعة المطلقة فتكون عبادته تعالى تحريرا للإنسان من العبودية ومن الخضوع والتذلل لبشر، فلا يخشى الإنسان ولا يخاف غير الله، وتكون علاقة الآية بما قبلها التأكيد على وجوب طاعته تعالى فيما سبق من أحكام ﴿لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ﴾ لإحقاق العدالة فيما سبق منكم في الحياة الدنيا ﴿وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ حَدِيثاً﴾ المعنى لا ريب في جمع الناس إلى يوم القيامة إذ لا شيء أصدق من القرآن بدليل إعجازه.
٨٨ - ﴿فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ﴾ أي بعد كل ما بيّناه لكم عنهم، لأن الآيات من (٦٠ إلى ٨٧) أكثرها في المنافقين، ﴿وَاللهُ أَرْكَسَهُمْ بِما كَسَبُوا﴾ أي كيف تتفرقون أو كيف تترددون في شأن المنافقين في حين أنهم ارتدّوا عن الصواب بما كسبوا من السيئات، فهم يتباطؤون عن القتال، ويحتكمون إلى