الصدقة لدرجة الإجحاف بصاحب المال، وأيضا لا تمنعوا الصدقة، فالمراد من الإسراف هو مجاوزة الحدّ سواء في كثرة الإنفاق، أو كثرة التقتير والبخل، لأنه تعالى لا يحبّ المسرفين.
١٤٢ - ﴿وَمِنَ الْأَنْعامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً﴾ تتمة الخطاب من الآية السابقة، والتقدير: وهو الذي أنشأ جنّات، وأنشأ من الأنعام ما يحمل الأثقال، وما يفرش للذبح، أو يركب، أو ما ينسج الفرش من وبره وصوفه، والحمولة أيضا الأنعام التي صارت في سن الحمل، والفرش صغارها التي لصغر أجسامها تمشي دانية من الأرض، - وأمّا الحمولة بضمّ الحاء فهي الأحمال، وهي غير الحمولة أي التي تحمل - ﴿كُلُوا مِمّا رَزَقَكُمُ اللهُ﴾ من لحوم الأنعام ﴿وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ﴾ في التحريم والتحليل من عند أنفسكم، تارة تحرّمون ظهورها للركوب أو الحمل، وتارة تحرّمون أكل لحومها أو ما في بطونها من الحمل ﴿إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾ عداوته بيّنة لبني آدم، لقوله ﴿لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلاّ قَلِيلاً﴾ [الإسراء: ١٧/ ٦٢].
١٤٣ - استمرار الخطاب ممّا قبله، والكلام ما زال في عادات الجاهلية، وتحريمهم ركوب بعض الأنعام وأكل لحوم بعضها، وتقدير الخطاب: وأنشأ من الأنعام حمولة وفرشا ثمانية أزواج، فيكون ﴿ثَمانِيَةَ﴾ بدل من قوله ﴿حَمُولَةً وَفَرْشاً،﴾ والمقصود تبكيت لهم على تحريم ركوب بعضها، أو الحمل عليها، أو تحريم الحمل الذي في بطونها، وقد يكون تقدير الخطاب أيضا: كلوا ممّا رزقكم