٤٨ - ﴿وَيَقُولُونَ﴾ وهو قول الكفار في تحدّيهم للمؤمنين ﴿مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ﴾ متى هذا القضاء بالقسط المشار إليه في الآية السابقة؟ ومتى هذا الوعد بأنّ الله سينصركم علينا؟ والجواب عليه في الآية التالية:
٤٩ - ﴿قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلا نَفْعاً﴾ فمن باب أولى لا أملك ذلك لغيري، بسوى الأسباب التي أقدر عليها كما يقدر عليها غيري، وليس منها إنزال العذاب بكم حسبما تريدون ﴿إِلاّ ما شاءَ اللهُ﴾ إلاّ ما شاء الله أن أملكه من دفع الضرر وجلب النفع بما أعطاني من الكسب الاختياري مع تيسير أسبابه لي، وأما الآيات الخارقة فهي لله وحده، ويحتمل المعنى أيضا أن تكون إلاّ بمعنى لكن، أي: لكن ما شاء الله من ذلك الوعد كائن، متى شاء، ولا شأن لي به، لأن ذلك خاص بالربوبية دون الرسالة التي وظيفتها التبليغ لا التكوين ﴿لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ﴾ لبقائها وهلاكها، في علم الله، وليس لي تقديمه أو تأخيره ﴿إِذا جاءَ أَجَلُهُمْ﴾ المقدّر لهم ﴿فَلا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً﴾ أي شيئا قليلا من الزمن ﴿وَلا يَسْتَقْدِمُونَ﴾ لا يملك الرسول أن يؤخّر الأجل أو يقدّمه، ولا أن يطلب التأخير والتقديم منه تعالى.
٥٠ - ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُهُ﴾ الذي تستعجلون به ﴿بَياتاً﴾ ليلا، وأنتم تبيتون في بيوتكم ﴿أَوْ نَهاراً﴾ وأنتم لاهثون وراء دنياكم، والمعنى أنه يأتيكم بغتة بلا توقع مسبق منكم، وفي قوله ﴿بَياتاً أَوْ نَهاراً﴾ أنه يأتيكم والأرض نصفها غارق في الليل ونصفها الآخر في النهار بالنظر لكروية الأرض، وهو من إعجاز القرآن ﴿ماذا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ﴾ أي جزء من العذاب يستعجلون؟ لأن مجيء العذاب ليس شيئا ممّا يوجب الاستعجال إلاّ من قبل الجاهلين والحمقى.