للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿وَاِخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ اِرْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً﴾ (٢٤)

٢٤ - ﴿وَاِخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ﴾ المبالغة في التواضع تجاههما، لأن خفض الجناح كناية عن التواضع، كما يخفض الطير جناحيه فوق فراخه ﴿وَقُلْ رَبِّ اِرْحَمْهُما﴾ وأحسن إليهما ﴿كَما رَبَّيانِي صَغِيراً﴾ كما أحسنا في تربيتي صغيرا،

﴿رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صالِحِينَ فَإِنَّهُ كانَ لِلْأَوّابِينَ غَفُوراً﴾ (٢٥)

٢٥ - بعد أن أمرت الآيات المتقدمة بعبادة الله تعالى وحده لا شريك له، ثم أتبعت بالأمر ببر الوالدين، تبيّن هذه الآية إنّ الله تعالى مطّلع على ما يضمره الناس في نفوسهم من الإخلاص أو الرياء: ﴿رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صالِحِينَ فَإِنَّهُ كانَ لِلْأَوّابِينَ غَفُوراً﴾ إن كنتم صالحين مخلصين ترجعون إلى الله على الدوام في أعمالكم، فالله تعالى يتجاوز عن سيئاتكم، وقوله:

﴿لِلْأَوّابِينَ﴾ يفيد كثرة رجوع المؤمنين إليه تعالى بالتوبة والمداومة عليها،

﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَاِبْنَ السَّبِيلِ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً﴾ (٢٦)

٢٦ - يلاحظ التدرج في الخطاب، فبعد الأمر بعبادة الله وحده، ثم الأمر ببر الوالدين، ينتقل الخطاب هنا إلى الأمر ببر ذوي القربى، الأقرب فالأقرب وغيرهم: ﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَاِبْنَ السَّبِيلِ﴾ يلاحظ الدقة في التعبير إذ جعل تعالى أعطيات ذوي القربى والمساكين وأبناء السبيل حقّا لهم، وليس منّة، وفي العصر الحديث يشمل تعبير "أبناء السبيل" اللاجئين الذين انقطعت بهم السبل ﴿وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً﴾ في غير طاعة الله، أو تنفق في الباطل، أو فيما لا جدوى منه،

﴿إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كانُوا إِخْوانَ الشَّياطِينِ وَكانَ الشَّيْطانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً﴾ (٢٧)

٢٧ - ﴿إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كانُوا إِخْوانَ الشَّياطِينِ وَكانَ الشَّيْطانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً﴾ لأن التبذير بلا طائل، أو في الفساد والافساد، يفيد الاستخفاف بنعم الله، فكأن المبذّر يتّبع وسواس الشياطين في سبل الإنفاق،

<<  <  ج: ص:  >  >>