١٠٢ - ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اِتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ﴾ بتنفيذ ما ورد في الآيتين (١٠٠ - ١٠١)، قال الزمخشري: إنّ المعنى بالغوا في التقوى حتى لا تتركوا من المستطاع منها شيئا، ونحو ذلك قوله تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللهَ مَا اِسْتَطَعْتُمْ﴾ [التغابن:
٦٤/ ١٦]، غير أنّ بعضهم حمل معنى الآية على التوحيد، لأنه الحد الفاصل بين الكفر والإيمان، فمن لا يؤمن بوحدانية الله لا تقبل أعماله، والتوحيد عمل يستطيع كل مكلف القيام به على تمامه ﴿وَلا تَمُوتُنَّ إِلاّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ أقيموا على الإسلام وأعماله على الدوام ولا تضلوا عنه حتى إذا أتاكم الموت بغتة كنتم عليه، فإذا عاش المرء على التقوى واليقين مات عليهما.
١٠٣ - ﴿وَاِعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً﴾ روى الدارمي عن النبي ﷺ أنه قال:
«اعتصموا بحبل الله فإنّ حبل الله القرآن»، وهو تشبيه لحالة المسلمين إذا تعاضدوا وتكاتفوا على التمسك بهدي القرآن وحده دون غيره ﴿وَلا تَفَرَّقُوا﴾ لا تتفرقوا باتباع المذاهب والعقائد الوضعية، ولا تتفرقوا بإحداث الشيع والفرق الدينية ﴿وَاُذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً﴾ الإشارة إلى ما كان عليه العرب في الجاهلية من العداوة والحروب وسفك الدماء فيما بينهم فأصبحوا بنعمة الإسلام إخوانا، كما هي إشارة إلى عداوة الناس بعضهم لبعض بقوله ﴿بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ﴾ [البقرة:
٢/ ٣٦]. ﴿وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النّارِ﴾ كناية عن العذاب الحتمي الذي ينتج عن الجهل الروحاني ﴿فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها﴾ كنتم في جاهليتكم ووثنيتكم وشرككم بالله تعالى على حافة الهلاك من جحيم الاقتتال فيما بينكم، وبعد