﴿وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ﴾ ليظهر طريق وسلوك المجرمين - المصرّين على المعصية - واضحا للجميع، بالمقارنة طريق وسلوك المؤمنين التائبين المذكورين في الآية السابقة.
٥٦ - ﴿قُلْ﴾ لهم أيها النبي - وأيها المسلم -: ﴿إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ قُلْ لا أَتَّبِعُ أَهْواءَكُمْ﴾ المعنى: إنكم تعبدون ما تعبدون من دون الله، لأنكم تتّبعون الأهواء وتقلّدون الآباء والأجداد والزعماء، وليس بناء على الحجة والبرهان والعقل ﴿قَدْ ضَلَلْتُ إِذاً وَما أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ﴾ إن اتّبعت أهواءكم أكون ضالا مثلكم ولا أكون من المهتدين، والمعنى إنكم ضالّون غير مهتدين.
٥٧ - ﴿قُلْ إِنِّي عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي﴾ لأنني اتّبعت البيّنة والبرهان وليس الأهواء والتقليد ﴿وَكَذَّبْتُمْ بِهِ﴾ أي كذّبتم بالقرآن الذي هو البيّنة الكبرى ﴿ما عِنْدِي ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ﴾ من العذاب فذلك ليس بطاقتي ولا أقدر عليه، لأن الكفار يعتقدون أن عدم نزول العذاب الفوري بهم دليل على صواب عباداتهم وشركهم وضلالهم، فكانوا يقولون ﴿وَإِذْ قالُوا اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ اِئْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ﴾ [الأنفال: ٨/ ٣٢]، والمراد أن الله ينزل العذاب في الوقت الذي يريد، بناء على حكمته المحيطة بكل شيء، كإمهال العباد وإعطائهم فرصة للتوبة، وليس بناء على استعجال الكفار أو تحدّيهم ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلاّ لِلّهِ﴾ النبي يتبرّأ من أي مقدرة له على تقديم العذاب أو تأخيره ﴿يَقُصُّ الْحَقَّ﴾ تقدير الخطاب: يقصّ الحكم الحق، فيفصل به بين الحق والباطل ﴿وَهُوَ خَيْرُ الْفاصِلِينَ﴾ بين الحق والباطل.