السبع السمان ﴿وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ﴾ قد انعقد حبّها ﴿وَأُخَرَ﴾ وسبع أخر ﴿يابِساتٍ﴾ اليابسات التوت على الخضر حتى غلبن عليها، والنتيجة أن الملك رأى في المنام: الناقص الضعيف يستولي على الكامل القوي، مما ينذر بشرّ مستطير تشوّق إلى معرفته، فقال: ﴿يا أَيُّهَا الْمَلَأُ﴾ والخطاب للأعيان والحكماء من حاشيته ﴿أَفْتُونِي فِي رُءْيايَ﴾ أخبروني ما معناها وما يكون مآلها ﴿إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ﴾ تعبير الرؤيا الإخبار بعاقبتها وآخر أمرها،
٤٤ - ﴿قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ﴾ أي هذه الرؤيا من جنس أضغاث الأحلام، أي أخلاط أحلام فيها من الخلط والخيال والاضطراب والباطل مما ليس له معنى، والأضغاث جمع ضغث، وهي الحزمة من النبات المختلط، فشبّه به الخلط والأباطيل ﴿وَما نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلامِ بِعالِمِينَ﴾ يعني أنهم لم يكونوا عالمين بتأويل أضغاث الأحلام كونها أخلاطا باطلة لا معنى لها، وقد يعلمون تأويل الأحلام المعقولة الواضحة، ويحتمل أنهم نفوا علمهم بتأويل الأحلام إطلاقا.
٤٥ - بعد عجز الملأ عن تأويل رؤيا الملك قال لهم الساقي وهو يسمع الحوار إن في الحبس رجلا فاضلا صالحا عالما وطلب الإذن ليأتي منه بالتأويل: ﴿وَقالَ الَّذِي نَجا مِنْهُما﴾ الساقي الذي نجا من الحبس ﴿وَاِدَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ﴾ أي بعد حين، تذكر طلب يوسف إخبار الملك بحاله ﴿أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ﴾ أي أخبركم بتأويل ما خفي عليكم بالتلقي ممّن عنده علم، لا من تلقاء نفسي، ولذا لم يقل أفتيكم ﴿فَأَرْسِلُونِ﴾ إلى من عنده علم التأويل، وهو بالطبع يوسف إلا أنه لم يصرح باسمه خشية أن يرسلوا غيره إليه، وحرصا أن يكون هو المرسل إلى يوسف، والخطاب بصيغة الجمع تبجيلا للملك، أو قد يكون خطابا للملك وملئه معا.