للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويحتمل أن يكون قصد الملك بقوله ﴿رَبِّي﴾ ويبدو أن قصة النسوة كانت فاضحة جدا حتى صارت الإيماءة لها كافية، ويستبعد أن يكون قصد العزيز بقوله ﴿رَبِّي﴾ لأن ذلك يكون استشهادا به وتقريعا له معا، ويلاحظ أن يوسف لم يطعن في النسوة ولم يشهّر بهنّ واكتفى بوصفهن أنهن قطعن أيديهن ولم يصرح بمراودتهن له حفظا لكرامتهنّ، كما تفادى ذكر امرأة العزيز بالذات تأدبا وتكرما ومراعاة لها ووفاء لزوجها، وإنما كان كلامه في النسوة عاما مبهما فترك للملك أمر التحقيق بالتفاصيل.

﴿قالَ ما خَطْبُكُنَّ إِذْ راوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حاشَ لِلّهِ ما عَلِمْنا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قالَتِ اِمْرَأَةُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصّادِقِينَ﴾ (٥١)

٥١ - رجع الساقي إلى الملك وأخبره أن يوسف لا يستجيب لدعوته الخروج من السجن حتى يحقق مسألة النسوة، فأمر الملك بإحضار النسوة وقال لهنّ:

﴿قالَ ما خَطْبُكُنَّ﴾ الخطب الشأن العظيم ﴿إِذْ راوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ﴾ فهل كان ذلك عن ميل منه إليكنّ ومغازلة؟ ﴿قُلْنَ حاشَ لِلّهِ﴾ معاذ الله ﴿ما عَلِمْنا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ﴾ من هذا القبيل أو غيره ﴿قالَتِ اِمْرَأَةُ الْعَزِيزِ﴾ وكانت حاضرة مع باقي النسوة ﴿الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ﴾ ثبت وظهر وتبين الحق، واشتقاقه من الحصة أي ظهرت حصة الحق من حصة الباطل ﴿أَنَا راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ﴾ وليس العكس ﴿وَإِنَّهُ لَمِنَ الصّادِقِينَ﴾ أي في قوله: ﴿هِيَ راوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي﴾ (٢٦).

﴿ذلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخائِنِينَ﴾ (٥٢)

٥٢ - استمرار كلام امرأة العزيز بقولها: ﴿ذلِكَ﴾ الاعتراف مني بالواقع ﴿لِيَعْلَمَ﴾ يوسف، إذ سوف يبلغه عني هذا الكلام ﴿أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ﴾ فلم أقل فيه وهو لا يزال في السجن ما هو خلاف الواقع، كما أعترف، وهو غائب، ببراءته أمام الملك، مثلما لم أتهمه قبل أن يسجن، فقد صرحت لزميلاتي النسوة أني راودته عن نفسه واستعصم، ولم أتهمه عند العزيز بما ينافي الأخلاق والشرف ﴿وَأَنَّ اللهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخائِنِينَ﴾ لا يهدي كيدهم إلى الفلاح

<<  <  ج: ص:  >  >>