بالكلام فقط وبما لا يشقّ من العمل، لأن النفاق شك وأنانية بما ينتج عنهما من جبن وبخل ﴿يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ على النقيض من المنافقين، راجع شرح آية [آل عمران ١٠٤/ ٣]، ﴿وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ﴾ على تمامها من خشوع وبما يترتب عليها من الفضائل، في حين أن المنافقين يصلّون رئاء الناس، (الآية ٥٤)، أما المؤمنون فيؤتون الزكاة: ﴿وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ﴾ على عكس المنافقين الذين يقبضون أيديهم عن الإنفاق (الآية ٦٧)، وإذا أنفقوا فللتقية، ولا ينفقون إلاّ وهم كارهون (الآية ٥٤)،
والمؤمنون يطيعون الله ورسوله ﴿وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ﴾ بعكس المنافقين الفاسقين عن الطاعة، ﴿أُولئِكَ﴾ المؤمنون والمؤمنات ﴿سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ﴾ برحمته الخاصة في الدنيا والآخرة، وهي خلاف رحمته العامة للخلق التي وسعت كل شيء [الأعراف ١٥٦/ ٧]، أما المنافقون فقد نسوا الله فنسيهم (الآية ٦٧)، ﴿إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ﴾ في إيصال الثواب والعقاب، لا مردّ لمشيئته ﴿حَكِيمٌ﴾ في تدبير شؤون خلقه.
٧٢ - ﴿وَعَدَ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ﴾ نص في مساواة النساء للرجال في نعيم الآخرة ﴿جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها﴾ أي من تحت أشجارها الأنهار ﴿وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنّاتِ عَدْنٍ﴾ جنات النعيم الدائم، لأن العدن في اللغة الإقامة والاستقرار ﴿وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ﴾ أكبر من كل ما سلف ذكره من نعيم الجنات، قال الرازي: هذا البرهان القاطع أن النعيم الروحاني أعلى وأشرف من النعيم الجسماني ﴿ذلِكَ﴾ النعيم الروحاني والجسماني ﴿هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ بخلاف ما يلهث وراءه المنافقون والكفار من مادية الدنيا وملذاتها الفانية.