نقص الثمرات هو موت الأولاد، وقد تكون فقد بعض الأعضاء والحواس كفقد النظر ومثله، غير أن نقص الثمرات قد لا يعني بالضرورة موت بعض الأولاد، وإنما فقدهم المعنوي، كأن يختار أحدهم طريق الضلال، والمغزى أنّ مجرّد الإيمان لا يقتضي سعة الرزق والنجاح وانتفاء المخاوف والأحزان، بل تجري الأمور بسنن الله تعالى في خلقه وفق الأسباب والمسبّبات، فلا بد من الصبر: ﴿وَبَشِّرِ الصّابِرِينَ﴾ بأنّ الفوز الأخير لهم.
١٥٦ - ﴿الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنّا لِلّهِ﴾ إقرار من العبد لخالقه بالملك ﴿وَإِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ﴾ إقرار بالبعث والنشور، وليس القول باللسان فقط ولكن بالقلب أيضا، وهو الرضا بالقضاء وترك الجزع، قال ابن مسعود: لأن أخرّ من السماء أحبّ إليّ من أقول لشيء قضاه الله ليته لم يكن.
١٥٧ - ﴿أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾ صلوات الله على عباده هي المغفرة، والمعنى من صبر عند المصيبة، وقال: ﴿إِنّا لِلّهِ وَإِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ﴾، كتب له ثلاث خصال: المغفرة، والرحمة، وتحقيق سبل الهدى.
١٥٨ - وهذه الآية تتمة للموضوع من حيث إنها بشارة ضمنية للمسلمين أنّهم سوف يفتحون مكة ويدخلون المسجد الحرام ويقيمون فيه مناسك إبراهيم ﴿إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ﴾ أي علما من أعلام طاعة الله، وقد جعلهما الله تعالى كذلك لأنهما من آثار هاجر وإسماعيل بعدما تركهما إبراهيم في مكة بوحي من الله، وإسماعيل في ذلك الوقت لم يزل طفلا، فلمّا اشتدّ بهما العطش وخافت هاجر على حياة ولدها أخذت تجري بين الصفا والمروة بحثا عن الماء