للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقدح والافتراء والتهديد، وهو ما يسمعه المسلمون منهم حتى اليوم ﴿وَإِنْ يُقاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبارَ﴾ وهذه بشارة بالغيب تحققت بهزيمة يهود قريظة والنضير وبني قينقاع وخيبر وغيرهم ﴿ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ﴾ وهي أيضا بشارة مطلقة بالغيب ومرتبطة بالآية السابقة، أي ما دمتم خير أمة أخرجت للناس، بحرصكم أن تكونوا قدوة مثلى للبشر في طريقة حياتكم ومعيشتكم حسب تعاليم القرآن، فإن قاتلوكم لا ينصرون ويكون النصر محققا لكم، وهو شبيه بقوله تعالى:

﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ﴾ [محمد: ٤٧/ ٧].

﴿ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ ما ثُقِفُوا إِلاّ بِحَبْلٍ مِنَ اللهِ وَحَبْلٍ مِنَ النّاسِ وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ﴾ (١١٢)

١١٢ - ﴿ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ﴾ استمرار الخطاب عن الفاسقين من أهل الكتاب، والإشارة خاصة إلى بني إسرائيل بدليل ما سيأتي من قتلهم الأنبياء ﴿أَيْنَ ما ثُقِفُوا﴾ أينما وجدوا ﴿إِلاّ بِحَبْلٍ مِنَ اللهِ﴾ أي بعهد من الله وهو أن يكونوا مؤمنين بالله رب العالمين مع التخلّي عن عنصريتهم وتعصبهم واعتقادهم أنهم فوق البشر، وأنّهم ما زالوا الشعب المختار مع أن هذه الصفة الأخيرة زالت عنهم بعد أن كفروا بآخر أنبيائهم عيسى ﴿وَحَبْلٍ مِنَ النّاسِ﴾ يلاحظ أنه في كل العصور والبلدان التي عاش فيها اليهود بسلام وأمان، رغم عنصريتهم، كان ذلك ناتجا عن تسامح وحسن نية الشعوب التي استضافتهم وليس لقوة ذاتية فيهم، وقد عاشوا بأمان في كنف الدولة الإسلامية على مر العهود الأموية والعباسية والعثمانية وفي الأندلس وغيرها، وفي كنف غير المسلمين أحيانا، وإن كانت نشأت لهم دولة مستقلة مؤخرا فبقوّة غيرهم من الأمم التي تدعمهم وليس بقوتهم الذاتية ﴿وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ﴾ المسكنة هي السكون الناتج عن الضعف والحاجة، وهو ما

<<  <  ج: ص:  >  >>