للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يحذو فرعون حذوهم، ولهذا فقد التفتوا، بعد أن يئسوا من استجابة فرعون، إلى التضرع إلى ربهم قائلين: ﴿رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً﴾ وهو تضرّع بإنزال كامل الصبر عليهم استعدادا لما يتوقعونه من المحنة والبلاء، كما لو كان الصبر في إناء فيفرغ بكامله عليهم ﴿وَتَوَفَّنا مُسْلِمِينَ﴾ دعاء بتثبيتهم على الإيمان، مستسلمين لله، مذعنين له وحده دون غيره.

﴿وَقالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قالَ سَنُقَتِّلُ أَبْناءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ وَإِنّا فَوْقَهُمْ قاهِرُونَ﴾ (١٢٧)

١٢٧ - بعد أن تبيّن للجميع أن السحرة غير عابئين بتهديد فرعون، بادر كبار القوم إلى تحريضه على موسى وعلى أتباعه، نفاقا وخوفا على مراكزهم، فقالوا له: ﴿وَقالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ﴾ أتتركهم ليفسدوا عليك حكمك في مصر؟ إما بإدخال المصريين في دينهم، أو بجعلهم تحت سلطتهم يأتمرون بأمرهم، وفي الحالتين تكون النتيجة زوال الحكم الفرعوني ﴿وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ﴾ ويتركك ويترك آلهتك هو وقومه ﴿قالَ سَنُقَتِّلُ أَبْناءَهُمْ﴾ أي سنعمل على إفناء بني إسرائيل بتقتيل أبنائهم، وتعبير التقتيل هنا أيضا يدل على التكثير والتدريج، أي حتى ينقرضوا ﴿وَنَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ﴾ نستبقي نساءهم أحياء يتزوجهنّ المصريون ﴿وَإِنّا فَوْقَهُمْ قاهِرُونَ﴾ بهذه الطريقة نقهرهم ونسيطر عليهم، والواضح أن فرعون قرر ترك موسى وعدم إيذائه تجنبا لاستفزاز من والاه من المصريين.

﴿قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اِسْتَعِينُوا بِاللهِ وَاِصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ (١٢٨)

١٢٨ - علم موسى بما دار بين فرعون وملئه من الكيد لبني إسرائيل، أو أنه توقع هذا الكيد بعد أن خلّى فرعون سبيله، فقال لقومه: ﴿قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اِسْتَعِينُوا بِاللهِ وَاِصْبِرُوا﴾ على ما يحل بكم من المحن، وما سوف يحل بكم نتيجة الثبات على عقيدتكم ﴿إِنَّ الْأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ﴾ وليست

<<  <  ج: ص:  >  >>