ركّزت سورة غافر المتقدمة على استكبار المصرّين على الكفر، وزهوّهم وغرورهم بالباطل وبالأوهام وغلبة الهوى عليهم، وشعورهم بالاكتفاء الذاتي بما عندهم من العلم واستغنائهم عن القرآن: ﴿فَلَمّا جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَرِحُوا بِما عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ﴾ [غافر / ٨٣٤٠]،
ثمّ تبيّن سورة فصّلت أن تصميم الكفار على إنكار القرآن سببه إغلاق عقولهم سلفا، وعدم إعطاء أنفسهم الفرصة لدراسة القرآن دراسة جدية بلا تحيز فكري مسبق: ﴿وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمّا تَدْعُونا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنا عامِلُونَ﴾ [فصلت ٥/ ٤١]، بل تجازوا ذلك إلى الصد عنه: ﴿وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَاِلْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ﴾ [فصلت / ٢٦٤١]،
[محور السورة]
تدور السورة حول أصالة القرآن الكريم من حيث أنه وحي إلهي مفصّل يستفيد منه منفتحو الذهن الذين لديهم استعداد لدراسة القرآن من حيث جدارته: ﴿حم * تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا﴾