للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿فَلَمّا أَحَسَّ عِيسى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قالَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ آمَنّا بِاللهِ وَاِشْهَدْ بِأَنّا مُسْلِمُونَ﴾ (٥٢)

٥٢ - ﴿فَلَمّا أَحَسَّ عِيسى مِنْهُمُ﴾ أي من اليهود ﴿الْكُفْرَ﴾ يلاحظ روعة الإيجاز في الخطاب الذي انفرد به القرآن الكريم أن انتقل من البشارة بعيسى والآيات التي جاء بها إلى النتيجة التي وصل إليها مع قومه بعد طول الدعوة والمعاناة، وقد وجد عيسى في بني إسرائيل العناد والمكابرة ورفض تحكيم العقل والمقاومة ونية الإيذاء، فتوجّه باحثا عن أهل النصرة من المؤمنين: ﴿قالَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ﴾ أي من ينصرني في الدعوة إلى دين الله ﴿قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ﴾ أي نحن أنصار الدعوة إلى دين الله.

والحواريون هم خاصّة عيسى من الأتباع والتلاميذ، وقيل إنهم كانوا ينتمون إلى طائفة من يهود فلسطين تدعى Essene Brotherhood اتسمت بالاستقامة والتصوف وكانوا يرتدون الملابس البيضاء دلالة على مذهبهم، وقيل إن عيسى كان منهم فاشتق اسم الحور وهو البياض من لون ردائهم، فقالوا:

﴿آمَنّا بِاللهِ﴾ مخلصون له منقادون لأمره ﴿وَاِشْهَدْ بِأَنّا مُسْلِمُونَ﴾ قد أسلمنا أمرنا إلى الله، فنحن مسلمون له، مستسلمين لإرادته، وهو دليل على أن الإسلام - بهذا المعنى - دين الأنبياء جميعا وإن اختلفت بعض أحكامه.

﴿رَبَّنا آمَنّا بِما أَنْزَلْتَ وَاِتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنا مَعَ الشّاهِدِينَ﴾ (٥٣)

٥٣ - ﴿رَبَّنا آمَنّا بِما أَنْزَلْتَ﴾ آمن الحواريون بالوحي الذي نزل على عيسى ﴿وَاِتَّبَعْنَا الرَّسُولَ﴾ وهو عيسى ، ويلاحظ في الآية تتابع الإيمان ثم العمل بإتّباع، لأن الايمان بلا عمل يكون ناقصا، فاتّباعهم الرسول يفيد أن إيمانهم لم يكن بلا أثر، إذ بلغ مرتبة اليقين المسيطر على النفس والموجّه لها ﴿فَاكْتُبْنا مَعَ الشّاهِدِينَ﴾ على الحق.

﴿وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ (٥٤)﴾.

<<  <  ج: ص:  >  >>