﴿أما الذين أحسنوا الموصوفون باجتناب الكبائر والفواحش: ﴿الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ﴾ فليس من إنسان معصوم عن الخطأ: ﴿إِلاَّ اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ﴾ لأن الإنسان خلق ضعيفا، انظر [٢٨/ ٤]، وقد خلق تعالى البشر من سلالة من طين، انظر آية [١٢/ ٢٣]: ﴿هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ﴾ ثم خلقهم أجنّة ضعافا في بطون أمهاتهم: ﴿وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ﴾ فهو أعلم بهم من أنفسهم فلا يفخرنّ أحد بصلاحه ولا يعجب بنفسه: ﴿فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اِتَّقى﴾ (٣٢)، ونظيره قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللهُ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً﴾ [النساء ٤٩/ ٤].
وهنا تعود السورة لموضوع الآيات (٢٩ - ٣١): ﴿أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلّى﴾ (٣٣)، أي الذي تولّى عن الذكر المشار إليه بالآية (٢٩).
ولم يتصدّق إلاّ بالقليل على مضض واتّبع شحّ نفسه: ﴿وَأَعْطى قَلِيلاً وَأَكْدى﴾ (٣٤)
فأنّى له التأكد أن ليس من آخرة ولا حساب؟ ﴿أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرى﴾ (٣٥)
رغم أنه سبق بعث الرسل، كإبراهيم وموسى، بحقيقة الآخرة والحساب:
وأنّ المسؤولية فردية، فآلهتهم المزعومة كاللات والعزّى ومناة وأمثالها لا تفيد شيئا ولا تشفع لأحد، كما لا يفيد أحدا الزعم أن المسيح افتدى خطايا البشر بالنيابة عنهم: ﴿أَلاّ تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى (٣٨)﴾