للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لدعائهم مرتبطة بعملهم، والمغزى أن العبرة من العبادة هي بالعمل، وليس فقط أداء الفرائض، ونظيره قوله تعالى: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ﴾ [الزلزلة ٩٩/ ٧]، أي النتيجة على قدر العمل.

﴿مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى﴾ هم متساوون عند الله في ثواب أعمالهم ﴿بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ﴾ كلّهم عباد الله ﴿فَالَّذِينَ هاجَرُوا﴾ اختاروا الهجرة من أوطانهم ﴿وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ﴾ اضطرّهم الكفار قسرا للخروج من ديارهم ﴿وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي﴾ لحقهم الأذى بسبب إيمانهم وعملهم لأجله ﴿وَقاتَلُوا وَقُتِلُوا﴾ في سبيل الله ﴿لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ﴾ يمحو تعالى سيئاتهم، وفوق ذلك يدخلهم الجنة ﴿ثَواباً مِنْ عِنْدِ اللهِ﴾ الثواب من ثاب أي رجع، فيكون الثواب ما يرجع إلى المرء نتيجة لعمله ﴿وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ﴾ حسن الثواب الذي يلازم العمل الصالح.

﴿لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ﴾ (١٩٦)

١٩٦ - ﴿لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ﴾ كان الكلام في الآيات السابقة عن أولي الألباب من المؤمنين المواظبين على ذكر الله، وعلى التفكر في مخلوقاته، واستغفارهم لذنوبهم، وطلبهم الهداية واستعجالهم نصر الله، وقد أخبرهم تعالى أن العبرة بالعمل، وأنه يستجيب لأعمالهم فلا يضيع عمل عامل منهم، وفي هذه الآية يحذرهم تعالى من الانخداع بالنعم التي يتمتع بها الكفار -

﴿مَتاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهادُ﴾ (١٩٧)

١٩٧ - ﴿مَتاعٌ قَلِيلٌ﴾ متاع الكفار قليل من حيث إنهم يتمتعون بنعيم زائل غير قائم على أسس سليمة، وهو في عمر التاريخ والأمم غير ذي بال، كما أن نعمهم مادية ظاهرية، ولا تنطوي على أي قدر من السعادة، ومترافقة بكثير من المنغصات في حقيقتها، وتحمل في ذاتها بذور زوالها وخراب أصحابها ﴿ثُمَّ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ﴾ وفوق ذلك كله فإن ما هم عليه من النعيم المبني على الباطل

<<  <  ج: ص:  >  >>