للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لسفر يصوم أياما أخر، ويطعم المساكين إن كان ذلك في طاقته، فيعود الضمير في ﴿يُطِيقُونَهُ﴾ إلى الإطعام ﴿فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ﴾ من تطوّع بزيادة الفدية بإطعام أكثر من مسكين واحد عن كل يوم فطر، أو من تطوّع بالصيام زيادة على الأيام المعدودات، أو بإطعام أكثر من مسكين، فذلك خير له ﴿وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ لو أدركتم ما في الصوم من مغزى ومقاصد لعلمتم أنه خير عظيم لكم.

﴿شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ (١٨٥)

١٨٥ - ﴿شَهْرُ رَمَضانَ﴾ تفسير للأيام المعدودات المشار إليها في الآية السابقة، أي هي أيام شهر رمضان ﴿الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ﴾ وهي الحكمة في تخصيص هذا الشهر بالصيام، لأنه الشهر الذي أنزل فيه القرآن، والمقصود ابتداء التنزيل في ليلة القدر من شهر رمضان لقوله تعالى ﴿إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾ [القدر ٩٧/ ١]، ثمّ نزّل نجوما، أي متفرقا، خلال ثلاث وعشرين سنة، والآية تثبت أنّ بين الصوم وبين نزول القرآن مناسبة عظيمة، فلمّا كان رمضان مختصّا ببدء نزول القرآن وجب أن يكون مختصّا بالصوم ﴿هُدىً لِلنّاسِ﴾ القرآن هدى للناس أجمعين ﴿وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى﴾ فيه آيات واضحات تهدي إلى الحق ﴿وَالْفُرْقانِ﴾ فيه معايير التفريق بين الحق والباطل ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ من كان منكم حاضرا حلول الشهر فليصمه، وقد لاحظ الشيخ رشيد رضا في تفسير المنار أنه تعالى قال ﴿فَلْيَصُمْهُ﴾ ولم يقل «فصوموه» وهذا من إعجاز القرآن، فكما أنّ القرآن لم يحدد مواعيد الصلاة فلنفس الحكمة خاطب الأفراد في الصوم ولم يخاطب الجماعة، لأن القرآن موجّه لجميع البشر في

<<  <  ج: ص:  >  >>