﴿كما ليس لديهم أدنى قدر من الالتزام الروحي أو المعنوي أو الأخلاقي للوفاء بوعدهم: ﴿لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ﴾ وأنهم يتخلّون عن حلفائهم في أول فرصة: ﴿وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ﴾ (١٢)
ولضعف إيمانهم بالله والبعث والجزاء فإنّ خوفهم من حاضرهم أكثر من خوفهم من آخرتهم: ﴿لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللهِ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ﴾ (١٣)
وأن اعتمادهم بالكامل على مادية الدنيا: ﴿لا يُقاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلاّ فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَراءِ جُدُرٍ﴾ ولذا ينقلب بعضهم على بعض تهافتا وراء المصالح الدنيوية المباشرة: ﴿بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتّى﴾ كل ذلك لأن عقولهم قاصرة عن حقيقة الدنيا والآخرة: ﴿ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ﴾ (١٤)
فمثل فريقي المنافقين ويهود بني النضير كمثل من قبلهم من كفار قريش الذين ذاقوا مرارة الهزيمة في وقعة بدر في رمضان العام ٢ هجرية، وكمثل يهود بني قينقاع ذاقوا عاقبة خيانتهم في شوال من العام نفسه: ﴿كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيباً ذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ﴾ (١٥) والقاعدة عامة في كل الأوقات لأمثالهم.
ومثل المنافقين مع الكفار شبيه بموقف الشيطان من الإنسان يغرّر به ثم يخذله: