النهر، رغم العطش والمشقة، والمغزى أن الإيمان والثقة بعدالة القضية لا قيمة لهما إذا لم يرافقهما الانضباط والالتزام بالشرع، وعدم الاكتراث بالمصالح المادية الشخصية ﴿فَلَمّا جاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قالُوا لا طاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجالُوتَ وَجُنُودِهِ﴾ بعد أن جاوز النهر مع القليل من المؤمنين معه أبدى الباقون أنهم لا يستطيعون مجابهة جالوت ﴿قالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا اللهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ﴾ لم يكن لدى الموقنين بالآخرة أي شك بالنتيجة النهائية ﴿وَاللهُ مَعَ الصّابِرِينَ﴾ الصابرين على صعوبة التكليف.
٢٥٠ - ﴿وَلَمّا بَرَزُوا لِجالُوتَ وَجُنُودِهِ﴾ عند اللقاء توجهّوا إلى الله تعالى بالدعاء قائلين: ﴿قالُوا رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً﴾ تعبيرا عن المبالغة في طلب الصبر تجاه أهوال الحرب ﴿وَثَبِّتْ أَقْدامَنا﴾ حتّى لا نضطر إلى الفرار ﴿وَاُنْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ﴾ قال البيضاوي: في هذا الدعاء ترتيب بليغ إذ سألوا ربّهم الصبر، ثم الثبات، ثم النصر الذي يترتب على الصبر والثبات.
٢٥١ - ﴿فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللهِ﴾ أي بتوفيقه وتيسيره ﴿وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ﴾ كان داوود في جيش طالوت واستطاع أن يقتل جالوت ﴿وَآتاهُ اللهُ الْمُلْكَ﴾ بعد موت طالوت، خلفه داوود في الملك ﴿وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمّا يَشاءُ﴾ أي آتاه النبوة لقوله تعالى ﴿وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً﴾ [النساء ٤/ ١٦٣]، ﴿وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ﴾ وهو شرح للكيفية التي يسير بها العالم وفق الخطة الالهية، وهو مغزى القصة، فالله تعالى يعطي السلطة والقوة لبعض