للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زكريا عندما يرى ذلك الرزق يسألها عن مصدره ﴿قالَ يا مَرْيَمُ أَنّى لَكِ هذا قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ﴾ المعنى أنّه تعالى يرزق الناس بتسخير بعضهم لبعض، وإسناد الأمر إليه تعالى واضح لأنه مسبّب الأسباب وذلك معروف بسنّة الله في خلقه ﴿إِنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ﴾ وبغير توقّع من المرزوق وليس من يعلم الحكمة النهائية في ذلك.

﴿هُنالِكَ دَعا زَكَرِيّا رَبَّهُ قالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ﴾ (٣٨)

٣٨ - ﴿هُنالِكَ دَعا زَكَرِيّا رَبَّهُ قالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ﴾ لما رأى زكريا صلاح مريم وحسن حالها وكمال إيمانها واعتقادها بأنّ المسخّر لها هو من يرزق بغير حساب، وتأمّل ذلك، تمنّى لو كان عنده ولد صالح مثلها، فنطق بهذا الدعاء مستغرقا ومستشعرا كمال وفضل الألوهية حتى أذن له باستجابة ندائه:

﴿فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرابِ أَنَّ اللهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللهِ وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيًّا مِنَ الصّالِحِينَ﴾ (٣٩)

٣٩ - ﴿فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرابِ أَنَّ اللهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللهِ﴾ أي مصدّقا بعيسى المسيح الذي ولد بكلمة من الله وهي: (كن فيكون) أي بغير السنّة العامة في توالد البشر، وقد ولد يحيى قبل عيسى بستة شهور وتزامنت بعثتاهما إلى أن استشهد يحيى في السجن إذ قتله هيرود ملك اليهود في الجليل ﴿وَسَيِّداً﴾ في الفقه والدين ﴿وَحَصُوراً﴾ معصوما من الذنوب ومبالغا في حبس نفسه عن الشهوات ﴿وَنَبِيًّا مِنَ الصّالِحِينَ﴾ وهي البشارة الثانية بنبوة يحيى بعد البشارة الأولى بولادته.

﴿قالَ رَبِّ أَنّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَاِمْرَأَتِي عاقِرٌ قالَ كَذلِكَ اللهُ يَفْعَلُ ما يَشاءُ﴾ (٤٠)

٤٠ - ﴿قالَ رَبِّ أَنّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَاِمْرَأَتِي عاقِرٌ﴾ سأل زكريا ربه عن كيفية الاستجابة رغم كبر سنّه وعقر زوجته وعلى غير ما هي

<<  <  ج: ص:  >  >>