للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السلام، لقوله ﴿وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ * سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدّارِ﴾ [الرعد ٢٣/ ١٣ - ٢٤]، وقوله تعالى لهم: ﴿سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ﴾ [يس ٥٨/ ٣٦]، وهو السلام الروحاني، والسلامة والأمن من كل شرّ، ومن كل آفة، وكلّ مخافة،

﴿وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ﴾ حمدا على حسن ختامهم وما هم فيه من النعيم.

﴿وَلَوْ يُعَجِّلُ اللهُ لِلنّاسِ الشَّرَّ اِسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ (١١)

١١ - بعد أن بيّنت الآيات السابقة مآل كل من المؤمنين والكفار في الآخرة، تبين هذه الآية أنّ الله تعالى لا يعاجل منكري النبوة (الآية ٢)، ومنكري البعث والحساب (الآية ٧)، بعقاب الدنيا، ولكن يمهلهم، لأنّ التعجيل بالعقوبة في الدنيا كالمانع من الاختبار، ومن حرية الخيار التي كرّم بها بني آدم، ولصار الإيمان قسرا:

﴿وَلَوْ يُعَجِّلُ اللهُ لِلنّاسِ الشَّرَّ اِسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ﴾ الشر بمعنى العقوبة، وتعجيل الشيء تقديمه على أوانه المحدد أو المقدّر، والمعنى أنه تعالى لا يعاجل الناس بالعقوبة رغم وقوعهم في المعاصي، ورغم استعجالهم ما يظنون أنه خير بانهماكهم وراء الدنيا والمادة والسلطة، فهو يمهلهم للتوبة، رأفة بهم ورحمة، انظر آية [النساء ٢٨/ ٤]، ولولا ذلك: ﴿لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ﴾ لكنه أرحم بهم من أنفسهم، فلا يقضي إليهم أجلهم بإهلاكهم واستئصالهم، بل يتركهم لحرية خيارهم، ويذرهم وما هم عليه حتى أجلهم المقدّر، ويترك لهم فرص التوبة والرجوع، ويوفق منهم من يشاء الهدى ﴿فَنَذَرُ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ الذين لا يرجون اللقاء المشار إليهم في (الآية ٧)، يذرهم تعالى، أي يتركهم لما اختاروا من التخبّط في الضلال، ولا يقسرهم على الإيمان

<<  <  ج: ص:  >  >>