للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ﴾ (٩١)

٩١ - ﴿فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ﴾ الزلزلة الأرضية، ولا تزال بقايا الحمم البركانية في أراضي الحرّة ماثلة إلى اليوم شاهدة على ذلك، وفي آية [الشعراء ١٨٩/ ٢٦] أنه أخذهم عذاب يوم الظلة ويبدو أن الرماد البركاني انتشر في الجو كالضباب حاجبا عنهم الشمس ﴿فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ﴾ هامدين موتى بلا حراك.

﴿الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كانُوا هُمُ الْخاسِرِينَ﴾ (٩٢)

٩٢ - ﴿الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا﴾ اختص الهلاك بالذين كذّبوا شعيبا، ويبدو أن شعيبا والمؤمنين معه غادروا المنطقة قبل وقوع العذاب لقوله في الآية التالية أنه تولّى عنهم ﴿الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كانُوا هُمُ الْخاسِرِينَ﴾ هم وحدهم كانوا الخاسرين، خسروا دنياهم وآخرتهم وهو الخسران العظيم، وتبيّن ضلال زعمهم للمؤمنين عندما قالوا لهم: ﴿لَئِنِ اِتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ﴾ (٩٠).

﴿فَتَوَلّى عَنْهُمْ وَقالَ يا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسى عَلى قَوْمٍ كافِرِينَ﴾ (٩٣)

٩٣ - ﴿فَتَوَلّى عَنْهُمْ﴾ قبل هلاكهم بعد أن يئس من استجابتهم ﴿وَقالَ يا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي﴾ فقد أمرتكم بالتوحيد ونهيتكم عن الشرك والفساد ﴿وَنَصَحْتُ لَكُمْ﴾ ما هو في صالحكم ﴿فَكَيْفَ آسى عَلى قَوْمٍ كافِرِينَ﴾ لأنهم أصروا على الكفر وأهلكوا أنفسهم بالتعامي والاستعلاء عن الرسالة، ولم يستفيدوا من فرصة الإمهال والتوبة قبل نزول العذاب.

﴿وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلاّ أَخَذْنا أَهْلَها بِالْبَأْساءِ وَالضَّرّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ﴾ (٩٤)

٩٤ - بعث الرسل، والتكذيب، تكرر في كثير من الأمم، ولم يقتصر على الأنبياء الذين سبق ذكرهم، وأنه بعد التكذيب، أخذهم تعالى بالبأساء والضراء:

﴿وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ﴾ فكذّبوا به، ولا يشترط أن يكون التكذيب مقتصرا على العصر الذي بعث فيه الأنبياء، وإنما قد يحصل التكذيب بعدهم أيضا، أي في الأزمنة التي تلي بعثتهم ﴿إِلاّ أَخَذْنا أَهْلَها بِالْبَأْساءِ وَالضَّرّاءِ﴾

<<  <  ج: ص:  >  >>