﴿وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ﴾ [المائدة ٥/ ٨٩]، روى البخاري عن عبد الرحمن بن سمرة أن النبي ﷺ قال له:«إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها فكفّر عن يمينك وأت الذي هو خير»، فالحنث باليمين العمد يوجب الكفّارة، وأما اليمين الغموس التي يحلف بها صاحبها وهو يعلم أنه كاذب، قاصدا الخيانة أو الغش، فلا يكفّرها شيء، بل لا بد من أداء الحقوق والتوبة والاستقامة، وروى البخاري أن النبي ﷺ قال:«من حلف على يمين صبر وهو فيها فاجر، يقتطع بها مال غيره، لقي الله وهو عليه غضبان» ﴿وَاللهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ﴾ غفور بمعنى المبالغة في ستر الذنوب واسقاط عقوبتها، وحليم لأنّه تعالى لا يعاجل بالعقوبة بل يمهل، ويؤخّر، ويعطي الفرص لتوبة عبده.
٢٢٦ - ﴿لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ﴾ الإيلاء في اللغة هو الحلف والقسم واليمين، كلّها بمعنى واحد، وفي عرف الشرع هو العزم على ترك الجماع، وهذه الآية استمرار للآيتين السابقتين ولكن بموضوع مخصّص وهو الحلف على ترك الجماع ﴿تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ﴾ من الواضح أن العلاقة الزوجية يجب أن تقوم على أساس من المودّة والانسجام، وفي بعض الحالات عندما تنشأ الخصومات ويحدث التوتر بين الزوجين، فإنّ الشرع يضع حدّا للفترة التي يبقى فيها الزوجان متنافرين من دون معاشرة زوجية، والتربّص هو الانتظار، وقد حددته الآية بأربعة أشهر، إمّا أن يتفق خلالها الزوجان، أو يقع الطلاق بنهايتها وتصبح المرأة حرّة في الزواج من جديد، وعند المالكية أنّ الفترة القصوى لهجران الرجل زوجته عن عمد، وهي أربعة أشهر، تسري بغضّ النظر إن كان حلف على ذلك أم لم يحلف، ونسب مثل هذا القول أيضا إلى ابن حنبل ﴿فَإِنْ فاؤُ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ الفيء هو الرجوع، والمعنى إذا تمّ الصلح خلال مدّة أربعة الأشهر، وعادت العلاقة الزوجية إلى طبيعتها، فإنّ الله غفور لما سبق، رحيم بعباده، وقيل تجب على الزوج كفّارة.