للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النّاسُ إِنَّ النّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَقالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ﴾ (١٧٣)

١٧٣ - ﴿الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النّاسُ﴾ منافقو المدينة قالوا، تخويفا وترهيبا، للذين استجابوا لله والرسول وخرجوا مع النبي إلى حمراء الأسد، قالوا لهم: ﴿إِنَّ النّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ﴾ أي أبو سفيان وصحبه من المشركين جمعوا لكم جموعهم، لأنهم بعد أن كانوا في طريقهم إلى مكة ندموا على انصرافهم وعزموا على الرجوع يريدون استئصال المسلمين.

وفي رواية أن الآية نزلت في غزوة بدر الصغرى إذ روي أن أبا سفيان، قبل انصرافه من أحد إلى مكة، نادى: يا محمد موعدنا موسم بدر فنقتتل بها إن شئت، فقال النبي لعمر: «قل له بيننا وبينك ذلك الأجل إن شاء الله تعالى»، فلمّا كان الأجل في العام القابل، وهو شعبان سنة أربع للهجرة موسم تجارة بدر في الجاهلية، خرج أبو سفيان من مكة في نحو ألفين من المشركين حتى بلغ عسفان على مسافة يومين من مكة، فألقى الله الرعب في قلبه فبدا له الرجوع، ولكن كي ينقذ ماء وجهه بعث إلى المدينة أعوانا له يثبّطون همم المسلمين عن الخروج إليه في الموعد ويخوّفونهم من قوة المشركين، فقالوا للمسلمين: إن المشركين جمعوا جموعهم لقتالكم ﴿فَاخْشَوْهُمْ﴾ أي خافوا منهم وارهبوهم ولا تخرجوا إلى موعدكم معهم في بدر فسيكون في ذلك القضاء عليكم ﴿فَزادَهُمْ إِيماناً﴾ أي إن المسلمين لمّا سمعوا كلام الذين دسّهم أبو سفيان لم يعيروه اهتماما ولم يقيموا له وزنا بل زادهم ذلك الكلام إيمانا وتصميما على محاربة الكفار ﴿وَقالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ﴾ أي يكفينا الله ونعم الكافي والوكيل، ثم خرج النبي في ألف وخمس مئة من أصحابه إلى بدر الثانية أو الصغرى، وقيل كانوا أقل من ذلك، فأقاموا بها ينتظرون ثمانية أيام فلم يلقوا أحدا، لأن أبا سفيان رجع بجيشه إلى مكة.

<<  <  ج: ص:  >  >>