للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال تعالى: ﴿أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوّاكَ رَجُلاً﴾ [الكهف: ١٨/ ٣٧]، وقال عزّ من قائل ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ﴾ [غافر: ٤٠/ ٦٧]، لأنّ الإنسان مخلوق من مواد عضوية وغير عضوية موجودة في التراب، وهذه معجزة مستمرّة وقائمة بذاتها، وأنّ خالق القوانين والسنن يفعل ما يشاء.

﴿الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ﴾ (٦٠)

٦٠ - ﴿الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ﴾ هذا هو الحق من ربك فلا يكن عندك شك، والخطاب وإن كان ظاهره للنبي إلاّ أنه - كما هي العادة في القرآن الكريم - موجّه للأمّة.

﴿فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ﴾ (٦١)

٦١ - ﴿فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ﴾ أي في حقيقة عيسى ﴿مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ﴾ وأصبحت على يقين من الحقيقة ﴿فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ﴾ وذلك قصارى ما في الأمر، أي لا نكرهكم على ما نحن عليه من العقيدة والإيمان، بل نترك لكم حرية الخيار، وتسمّى هذه الآية آية المباهلة، والمباهلة هي الملاعنة، أمّا الابتهال فهو الاجتهاد في الدعاء، وقد ورد أن النبي دعا وفد نصارى نجران حين قدومهم عليه في المدينة إلى المباهلة بشأن دعواهم في ألوهية عيسى وذلك بأن يجتمع المجادلون في عيسى من أهل الكتاب رجالا ونساء وأطفالا، ويجتمع النبي مع المؤمنين رجالا ونساء وأطفالا ثمّ يبتهل الطرفان إلى الله تعالى أن يلعن الكاذب منهما فيما يقال عن عيسى المسيح ، وهذا الطلب دالّ على قوة اليقين والثقة لدى صاحبه بما يقول ويعتقد، وقد امتنع نصارى نجران عن المباهلة بسبب عدم ثقتهم بما يقولون، ولكونهم على

<<  <  ج: ص:  >  >>